اعلان
اعلان
مقالات الرأي

“صرخة جيل زد… صرخة كبار المستقبل”

اعلان
اعلان


لم تعد أصوات الشباب المغربي مجرد همهمات على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تحولت إلى صرخة مدوّية في الشارع، صرخة جيل جديد يُعرف بـ”جيل زد”، جيل وُلد في زمن السرعة الرقمية، لكنه يصطدم بواقع اجتماعي واقتصادي سياسي بطيء ومتكلّس، صرختهم ليست عبثية، بل هي صرخة وعي، صرخة من يرفض أن يكون مجرد رقم في معادلة الفقر والبطالة والتهميش.
جيل زد في المغرب لا يثور فقط على الأوضاع المعيشية، بل على منظومة متكاملة من الفساد والزبونية وتضارب المصالح التي جعلت من الحلم المغربي سرابًا، هؤلاء الشباب يرون أن بقاء الأمور على حالها يعني مصادرة مستقبلهم، فكيف يمكن أن يحلموا بغدٍ أفضل وهم يرون التعليم في غيبوبة، والصحة غارقة في أمراضها المزمنة، والعدالة الاجتماعية تُختزل في شعارات جوفاء لا تسمن و لا تغني من جوع؟
صرخة جيل زد هي صرخة من أجل الكرامة، من أجل حقهم في العيش، في العمل، في الأمل، لا يريدون حياة والديهم بكل ما فيها من حرمان وقهر وانتظار طويل لفرص لا تأتي أبدا…إنهم يريدون مغربًا يُنصت إليهم، مغربًا يمنحهم فرصة المشاركة في صنع القرار بدل أن يكتفي بترديد خطاب الإصلاح دون أثر فعلي على معيشه اليومي.
الاحتجاجات التي يقودها هذا الجيل (يرفض الاحتواء) ليست مجرد غضب عابر، بل تعبير عن وعي جديد بدأ يتشكل، ويمثل أخطر ما يمكن أن يواجهه أي نظام يستهين بقوة شباب ليس لديه ما يخسر: وعي بالحقوق، ورغبة في التغيير، رفض للمسكوت عنه…
جيل زد، الذين يسخر البعض من لباسهم وطريقتهم في التعبير، هم في الحقيقة مرآة المجتمع القادمة ـ شئنا أم أبينا ـ، هم “كبار المستقبل”، وإن لم يُسمع صوتهم اليوم، فسيُسمع غدًا بأشكال أخرى أكثر حدّة، لأنهم ببساطة لم يعودوا يؤمنون بالانتظار، بل بالفعل.
لكن احتواء هذا الغضب المشروع لا يكون بالوعود ولا بالمقاربات الأمنية، بل بسياسات حقيقية وشجاعة و صادقة يخضع فيها المغرب لعملية قلب مفتوح تضع الشباب في صلب التنمية.
إن الحلول الممكنة الآن و ليس غد و التي لا يختلف فيها سواء المحتج أو المحتج عليه تبدأ من:
إصلاح التعليم والتكوين المهني ليواكب متطلبات سوق الشغل ويزرع في الشباب مهارات المبادرة والابتكار.
توفير فرص الشغل اللائق ومحاربة المحسوبية والزبونية في التوظيف، لأن غياب العدالة يولّد الإحباط.
توسيع مجالات المشاركة السياسية أمام الشباب، عبر تمكينهم من الفعل الحزبي والجمعوي الحقيقي وليس الصوري.
تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية في المدن والقرى على حد سواء، فالشعور بالكرامة يبدأ من الحق في العيش الكريم.
وأخيرًا، محاربة الفساد والريع بشجاعة، فبدون عدالة اقتصادية ومحاسبة فعلية، ستبقى كل المشاريع مجرد شعارات بلا مضمون.
صرخة جيل زد، في عمقها، ليست تهديدًا، بل إنذار أمل، إنها دعوة لتصحيح المسار قبل أن يفقد هذا الجيل إيمانه بالوطن نفسه، وفرصة حقيقية لتجديد العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس الثقة، والكرامة، والمستقبل المشترك

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى