يبرز دور التفاوض الجماعي في تحسين ظروف العمل والحد من الهشاشة، في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المغرب، حيث أكد هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، على أهمية تفعيل الاتفاقيات الجماعية للشغل كعامل أساسي لتحقيق التوازن بين إنتاجية المقاولات والحد من الهشاشة في التشغيل.
وأكد المتحدث، خلال جلسة عمومية أمام مجلس المستشارين، أن القطاع يضع في صدارة أولويات مخطط عمله للعام 2025 تعزيز جهود “تفعيل وإبرام أكبر عدد من اتفاقيات الشغل الجماعية”. جاء ذلك في إجابته على سؤالين شفويين طرحهما كل من فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب وفريق التجمع الوطني للأحرار، مساء الثلاثاء.
وأضاف أن نجاح هذه الاتفاقيات يتطلب تكاتف جهود ثلاث أطراف رئيسية: النقابات وممثلو الأجراء، الباطرونا والمشغلين، بالإضافة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل. وأضاف أن الهدف الأساسي من هذه الجهود هو تحقيق توازن بين زيادة إنتاجية المقاولات والحفاظ على تنافسيتها، وبين مكافحة الهشاشة في العمل، وتوفير بيئة عمل لائقة تحفظ كرامة الأجراء.
مؤكدا أن “النجاح في إبرام اتفاقية الشغل الجماعية وضمان تنفيذها بشكل فعّال يعد نجاحًا لكل من المشغِّلين وممثلي الأجراء، أي النقابات، بالإضافة إلى أنه يعد نجاحًا لبلادنا بشكل عام”. وأشاد بأهمية السؤال المطروح في جوانبه المختلفة، سواء المتعلقة بالوضع الاقتصادي أو بتحقيق جاذبية الاستثمار داخل التراب الوطني. وأكد أن تحسين مناخ الأعمال يستلزم توفير بيئة من السلم الاجتماعي، وهو ما يعد عنصرًا حاسمًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وجذب الاستثمارات.
وتعد استراتيجية التخفيف من حدة الاحتجاجات للأجراء” محور اهتمام أربعة فرق بمجلس المستشارين، حيث تناولتها أسئلة شفهية آنية خلال الجلسة نفسها.
وفي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة، توجه كاتب الدولة المكلف بالشغل إلى المستشارين قائلاً إن “الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها للتخفيف من حدة الاحتجاجات للأجراء في المغرب تتطلب تنفيذ سياسات تساهم في تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل، مع ضمان استقرار الأجير”.
وأوضح أن هذه الاستراتيجية تتضمن عدة محاور أساسية، أبرزها “إطلاق حوار اجتماعي مؤسسي ومنتظم”، مشيراً إلى أن إحدى جولاته قد أسفرت عن “الاستجابة الفورية للمطالب ذات الأولوية”، وعلى رأسها “مراجعة الأجور من خلال إجراء دراسة عاجلة لتحديد مستوى الأجور وربطها بتكاليف المعيشة، مع مراجعتها بشكل دوري”. وأضاف: “هذا ما قامت به الحكومة من خلال رفع قيمة السميك والسماك (SMIG/SMAG) بناءً على مخرجات الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف.
وفي إطار سعي الحكومة لتحسين ظروف العمل، أكد صابري، أن القطاع الحكومي الوصي يعتزم اتخاذ عدة خطوات تشريعية هامة، تشمل “سن قوانين أو مراسيم تنظم ساعات العمل الإضافية، السلامة المهنية، والعقود العمالية المرنة”. كما أشار إلى أن الحكومة تسعى إلى “معالجة التأخر في دفع الأجور” من خلال “إنشاء آلية رقابية لضمان احترام مواعيد صرف الأجور ومحاسبة المتخلفين”.
وأضاف أن تحسين التغطية الاجتماعية للفئات الشغيلة يعد من الأولويات، حيث يُخطط لتوسيع برامج الحماية الاجتماعية لتشمل حق الأجراء في التقاعد، التأمين الصحي، وكذا التعويضات لفاقدي الشغل.
وبخصوص “التعويض عن فقدان العمل بشكل مؤقت”، قال كاتب الدولة إنه “تم إرساء صندوق التعويض عن فقدان العمل المؤقت، الذي يضمن تقديم مساعدات مالية للعمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب الأزمات أو التحولات الاقتصادية”. وأكد أن الحكومة قد خصصت “مبلغ 40 مليار سنتيم سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية من خلال القانون رقم 03.14 المتعلق بنظام التعويض عن فقدان الشغل”.