خلال الندوة الوطنية التي عقدت اليوم الأربعاء في الرباط حول مكافحة الفساد وتعزيز الالتزام المواطن، أكد محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن القضاء على الفساد هو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة. وشدد الراشدي على أهمية تضافر الجهود الوطنية في سبيل تعزيز النزاهة والشفافية، معتبرًا أن مكافحة الفساد ليست مهمة جهة واحدة، بل هي مسؤولية مشتركة تتطلب تعاونًا فعالًا بين مختلف الفاعلين في الدولة، بما في ذلك المؤسسات الحكومية، القطاع الخاص، والمجتمع المدني.
وفي كلمته، استعرض الراشدي أبرز التحديات التي تواجه جهود مكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تؤثر بشكل كبير على الاستثمار والنمو الاقتصادي. وقال إن الفساد يؤدي إلى إضعاف مناخ الأعمال، مما يعوق تقدم الدولة ويمنعها من تحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية. وأضاف أن محاربة الفساد تتطلب نهجًا شاملًا يجمع بين الوقاية من الفساد، وتطبيق قوانين الزجر، وتعزيز الشفافية والمساءلة في مختلف القطاعات.
وأوضح الراشدي أن الهيئة الوطنية للنزاهة تعمل على تطوير استراتيجيات جديدة تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وتقليل الممارسات الفاسدة التي تعيق التنمية. وأكد أن الإرادة السياسية الحقيقية ضرورية لترجمة الجهود المبذولة إلى نتائج ملموسة، مشيرًا إلى أن الإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي أُطلقت في السنوات الأخيرة يجب أن تترافق مع تفعيل آليات الرقابة الفعالة ودعم الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، وذلك لضمان الشفافية والمساءلة في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وتطرق الراشدي إلى دور المواطنين في هذه المعركة، حيث دعا إلى تعزيز ثقافة التبليغ عن الفساد. وشدد على ضرورة توفير الحماية الكافية للمبلغين عن الفساد من أي إجراءات انتقامية قد تطالهم. كما أشار إلى أن المواطنين يجب أن يكونوا جزءًا من الحل، عبر إسهامهم في نشر قيم الشفافية والمساءلة في حياتهم اليومية، وتبني سلوكيات مقاومة الفساد. في هذا السياق، شدد على أهمية دور الإعلام في كشف حالات الفساد وتسليط الضوء على الاختلالات التي تعيق تقدم البلاد، مشيرًا إلى أن الإعلام يمكن أن يكون شريكًا أساسيًا في تعزيز ثقافة الرقابة والمحاسبة.
وفي ختام كلمته، أعرب الراشدي عن أمله في أن تستمر جميع الأطراف في تعزيز تعاونها لمحاربة الفساد من خلال آليات مؤسسية وتنظيمية قوية، مؤكدًا أن النهوض بالبلاد اقتصاديًا واجتماعيًا لا يتحقق إلا من خلال القضاء على الفساد وتعزيز منظومة الشفافية والمساءلة في مختلف المؤسسات الوطنية.
