
في أحضان جبال الأطلس الصغير ، وُلدت مجموعة فنية تراثية جديدة، تجمع بين عبق الماضي ونبض الحاضر؛ إنها “شباب إسافن لفن أحواش”، مجموعة فتية آمنت بأن التراث ليس مجرد ذكرى تُروى، بل روح حية يمكن أن ترقص على أنغام الشباب.
اقتحم هؤلاء الفتية ساحة يسيطر عليها عمالقة فن أحواش، مثل فرقة “باني” و”تكموت” و”أسيف نولت”، الذين صنعوا مجدهم عبر سنوات طويلة من الإبداع. ورغم جسامة التحدي، دخل شباب إسافن الميدان بجرأة وحماس من يريد أن يثبت نفسه!!
فالمنطقة مشهورة بفن “أهنقار”، الممزوج برصانة الإيقاع وقوة الحركة وجزالة الكلمة، وجدت فيهم حراساً جدداً يحافظون على الموروث ويجددونه بذكاء.
لكن النجاح لا يأتي بلا ثمن، ولا يأتي من فراغ!! فالجمهور المحب لهذا الفن يشاركهم فرح الإنجاز، ويقدم في الوقت نفسه ملاحظات صادقة تستحق الإصغاء:
أول هذه الملاحظات تتعلق “بالتوقيت”؛ إذ يبدأ العرض أحياناً بعد منتصف الليل بوقت طويل، ما يجعل كبار السن وعشاق التراث الحقيقيين يفقدون فرصة الاستمتاع الكامل به؛
أما الملاحظة الثانية؛ فهي أن التطوير مطلوب، لكن بحذر، لأن المساس بجوهر “أهنقار” قد يفقده روحه الأصيلة؛ فالتراث أشبه بجوهرة ثمينة يمكن صقلها، لكن لا يجوز تغيير طبيعتها؛
وثلاث الملاحظات؛ تدور حول ضرورة إعادة إحياء الرقصات الأصيلة مثل “أسداسي” و”أسباعي”، لأنها ليست مجرد حركات، بل هوية متجذرة في ذاكرة المكان.
هذه الملاحظات ليست انتقاداً جافاً؛ بل رسالة حب وأمل من جمهور يريد لهذه الفرقة أن تبلغ القمة. فالعالم الفني لا يرحم، والمنافسة فيه تتطلب موهبة متقدة، وحكمة ناضجة، وروحاً صبورة. ولدى “شباب إسافن لفن أحواش” كل مقومات النجاح: الحماس، والموهبة، والرؤية. وما يحتاجونه اليوم ليس سوى تلك اللمسة السحرية الأخيرة التي تحولهم من فرقة واعدة إلى فرقة خالدة ترسم مكانها ضمن الكبار…
فهل تلتقطون الرسالة؟! وهل ستشهد الأشهر المقبلة تحوّلاً جذريا يجعل من “أحواش إسافن”، حديث كل صغير وكبير في الأطلس الصغير ومنطقة باني؟!