
تستمر العلاقات بين المغرب وإسبانيا في التطور السريع سنة بعد سنة، محققة تقدمًا ملحوظًا على مختلف الأصعدة، خاصة في المجالين الاقتصادي والتجاري. فقد سجلت المبادلات التجارية بين البلدين في عام 2024 رقمًا جديدًا، مما يعكس استدامة النمو والتوازن في العلاقات الثنائية، التي تحترم مصالح وحقوق كل طرف.
ويسود التفاؤل حول المستقبل وإمكانات التعاون بين البلدين، خاصة مع الفرص الكبيرة التي تتيحها استضافة “مونديال 2030” لكرة القدم، الذي سيقام بشكل مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.
وفي هذا الصدد، أكد محمد جدري، الأكاديمي والمحلل الاقتصادي، أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب وإسبانيا “تمر بأزهى مراحلها، خاصة بعد جائحة كورونا”. وأضاف أن المبادلات التجارية بين البلدين تواصل تسجيل أرقام قياسية للسنة الرابعة على التوالي.
وأوضح جدري أن المبادلات التجارية بين الرباط ومدريد تجاوزت حاجز 24 مليار يورو في العام الماضي، مشيرًا إلى أن ما يميز هذه المبادلات هو “التوازن الكبير” الذي يميزها. حيث تشكل صادرات إسبانيا نحو المغرب حوالي 13 مليار يورو، في حين تقدر صادرات المغرب إلى إسبانيا بحوالي 11 مليار يورو في 2024.
وأشار المحلل إلى أن الديناميكية السياسية والدبلوماسية بين البلدين انعكست إيجابًا على التجارة، مما يعزز العلاقات الثنائية بشكل عام. وتوقع أن تتجاوز المبادلات التجارية بين المملكتين حاجز 30 مليار يورو في السنوات القادمة، خصوصًا مع التطلعات المرتبطة بمونديال 2030، الذي سيعزز من الاستثمارات الإسبانية في المغرب.
سلط جدري الضوء على أن المغرب يُتوقع أن يصبح من بين الدول الرائدة في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر. كما أشار إلى حاجة إسبانيا المتزايدة إلى “طاقة نظيفة قريبة منها لا تبعد سوى 14 كيلومترًا”، مؤكدًا أن المبادلات التجارية بين البلدين ستستمر في تحقيق أرقام قياسية في السنوات المقبلة.
من جهته، أضاف عبد الله أبو عوض، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، أن العلاقة بين الرباط ومدريد تعتمد بشكل أساسي على “الاستفادة المتبادلة بين الجانبين، حيث يركز الطرف الإسباني على المصلحة الاقتصادية والتوسع جنوب-جنوب عبر السياسة المغربية، في حين يستفيد المغرب من فتح بوابته الاقتصادية إلى السوق الأوروبية عبر إسبانيا”.
وأوضح أبو عوض أن إسبانيا تدرك جيدًا أن التحديات الاقتصادية العالمية، مثل تأثيرات بريكست، تجعل الاعتماد على السوق الأوروبية وحده غير كافٍ لضمان الاستقرار الداخلي. ولذلك، فإن التعاون مع المغرب، الذي يشكل بوابة استراتيجية إلى إفريقيا، يعد أمرًا حيويًا.
وأشار المتحدث إلى أن هذا التعاون سيشمل مجالات متعددة، منها الأمنية في مكافحة الإرهاب، والرياضية في إطار شراكة كأس العالم 2030. وأكد أن التغيرات الدولية والتوجه الحكومي الإسباني يلعبان دورًا مهمًا في تعزيز هذه العلاقات، مشيرًا إلى أن المغرب قد أصبح يمثل نقطة ارتكاز استراتيجية في العلاقات جنوب-جنوب، وهو ما تعيه إسبانيا جيدًا من خلال ما تحققه السياسة المغربية من تطورات تنموية. وتوقع أن تواصل العلاقات المغربية الإسبانية نموها في المستقبل، حيث سيكون التعاون بينهما بمثابة شراكة اقتصادية استراتيجية تساهم في تعزيز آفاق البلدين في السنوات القادمة.