شهدت أسعار الأسمدة العضوية في المغرب ارتفاعًا كبيرًا خلال الموسم الفلاحي الحالي، حيث تتراوح الزيادات بين 500 و700 درهم لكل حمولة، لتصل إلى 3500 درهم في بعض المناطق. هذا الارتفاع يؤثر بشكل كبير على الفلاحين الذين يعتمدون على هذه الأسمدة لزيادة إنتاجيتهم.
ويعزو الفلاحون هذا الارتفاع إلى تراجع الإنتاج بسبب تناقص أعداد الماشية في المغرب، مما أدى إلى زيادة الطلب على الأسمدة العضوية. كما أكدوا على أن الأسمدة الآزوتية والفوسفاطية لا يمكن أن تحل محل الأسمدة العضوية الطبيعية.
وبوجود ارتفاع في سعر حمولات الأسمدة العضوية الحيوانية هذا الموسم مقارنة بالمواسم الفلاحية السابقة؛ بالنظر إلى تراجع إنتاج هذا النوع من الأسمدة الحيوي بالنسبة للحبوب ومزروعات الخضروات من بطاطس وجزر وبصل”.
وأبرز خنكون وهو فلاح بمنطقة كيكو إقليم بولمان ، أن “ثمن الحمولة الواحدة في ظل هذا التراجع، الناتج أساسا عن تناقص أعداد الماشية لدى الكسابة، يتراوح ما بين 1000 و1500 درهم”.
وأورد الفلاح بالمنطقة، التي تشرع في زراعة البطاطس والبصل خلال هذه الفترة من السنة، أنه “خلال المواسم السابقة التي كان فيها الإنتاج كبيرا جراء وجود العرض الكافي من القطيع؛ لم يكن سعر الحمولة الواحدة من السماد الحيواني يتخطى 300 درهم أو 400 درهم على أقصى تقدير”.
وأوضح المتحدث عينه أنه “من الضروري استعمال هذا النوع من الأسمدة عند بداية موسم زرع الخضراوات المذكورة بالمنطقة؛ بالنظر إلى أهميته في مضاعفة مردودية الهكتارات المزروعة منها”، كاشفا أن “الهكتار الواحد يحتاج على الأقل إلى عشر حمولات من السماد العضوي الحيواني على الأقل، من أجل أن يؤدي هذا الأخير مهمته”.
وبخصوص إمكانية الاستغناء عن الأسمدة العضوية بالفوسفاتية أو الآزوتية التي يستفيد الفلاحون من كميات مدعمة منها، أوضح خنكون أن هذه الأخيرة “لا تتوفر على نفس مردودية السماد الطبيعي، الذي يبقى مفعول المواد العضوية التي يحملها لمدة ثلاثة مواسم على الأقل في التربة”.
ومن جانبه أكد طارق مومن وهو فلاح بمنطقة عين كرمة الفلاحية بمكناس أن “الفلاحون قد شرعوا في زراعة الضيعات بالبصل، وقد قفز سعر السماد العضوي الحيواني من 700 درهم للحمولة الواحدة خلال السنوات الماضية إلى 1500 درهم هذا الموسم الفلاحي الجاري”،
وأضاف مومن أن “مزارعي البصل بالمنطقة يحتاجون إلى تسميد الهكتار الواحد من هذا المنتوج بثلاث حمولات على الأقل، أي ما قيمته 4500 درهم”، مشيرا إلى أن الطلب قد يرتفع خلال الفترة المقبلة؛ نظرا لأن الطلب لم يبلغ ذروته بعد، “ففلاحون ما زالوا لم يشرعوا في الزراعة، إذ ينتظرون تلقي دعم وزارة الفلاحة لزراعة البصل برسم الموسم الماضي”.
فيما أشار رياض أوحتيتا، خبير فلاحي، أن “الارتفاع في أسعار الأسمدة العضوية يمكن أن يؤدي إلى استعمال بدائل أخرى، مثل محلول السماد العضوي المائي، الذي يمكن أن يكون أكثر اقتصادية في بعض الحالات”. وأوضح أن “هذه الطريقة لا تغير خصائص التربة، ولكنها قد تكون أكثر فعالية في بعض الحالات”.
و تابع أوحتيتا أن “الارتفاع الحاصل في أثمنة الأسمدة العضوية يهم كذلك تلك الخاصة بالدجاج، رغم أنها أحيانا لا تساهم سوى في الإضرار بالمزروعات”، موضحا أنه “حين تتضمن بذور الأعشاب الضارة أو الحشرات فإنها تؤثر على نمو هذه الأخيرة، ما بات يستوجب التنصيص على دفتر تحملات خاص بهذا النوع من الأسمدة، يقضي بعدم تسويقها إلا بعد معالجتها”.
وأكد المتحدث ذاته على “استحالة ضبط أسعار الأسمدة العضوية الطبيعية وإخضاعها للمراقبة، مثل ما يتم الأمر بالنسبة للأسمدة الآزوتية والفوسفاطية”، مسجلا أن “أسمدة الأزوت تثقل بدورها كاهل الفلاحين الصغار والمتوسطين الذين يشترون كميات ضئيلة لا المخزون الذي يكفيهم لسنة كاملة؛ ما يجعلهم محرومين من دعم الدولة لهذه الأسمدة”، ومفيدا بأن “أسعار الأسمدة الفوسفاطية ما زالت مستقرة، ولم تشهد أي ارتفاع يذكر”.
يعتبر الفلاحون أن الارتفاع في أسعار الأسمدة العضوية يعد تحديًا كبيرًا لهم، خاصة في ظل تراجع الإنتاج والزيادة في الطلب. ويطالبون بتدابير لضبط أسعار الأسمدة العضوية وتوفير بدائل أخرى.