قدم الفريق الحركي بمجلس النواب مقترحًا قانونيًا يهدف إلى إلزام الجماعات الترابية برفع تقارير سنوية حول نجاعة الأداء إلى وزارة الداخلية في إطار جهود تعزيز الشفافية والمساءلة في التدبير الترابي،هذا المقترح يأتي استجابة للاختلالات التدبيرية والمالية التي تشوب تسيير العديد من الجماعات الترابية في المغرب، والتي أدت إلى عزل عدد من رؤساء المجالس المنتخبة والمتابعة القضائية لآخرين.
وطالب الفريق الحركي، في مقترحات القوانين الثلاثة التي تهدف إلى تغيير وتتميم كل من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، بالتنصيص بصيغة الوجوب في هذه القوانين على ضرورة الإدلاء بشكل سنوي بتقرير حول نجاعة الأداء إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.
و في هذا السياق يرى الخبراء والباحثون المختصون في المالية العمومية و الحكامة الترابية أن تقارير الأداء السنوية للجماعات الترابية تقلل من الاختلالات التدبيرية والمالية، ولكن يُشدد على ضرورة تقديم وثائق إثباتية لضمان الشفافية.
قال الدكتور الباحث في الحكامة الترابية عبد الفتاح الثقة إن “إلزام الجماعات الترابية برفع تقارير سنوية حول نجاعة الأداء إلى وزارة الداخلية من شأنه الحد من الاختلالات التدبيرية والمالية التي تشهدها هذه المؤسسات المنتخبة؛ فمن شأنها إعطاء رؤية واضحة عن نجاعة المشاريع التي تنجز من قبلها، ومستوى تقدمها وتوزيع صرف الأموال المرصودة لها، خاصة أن الجماعات الترابية تحولت إلى اعتماد البرمجة الثلاثية للميزانية (لثلاث سنوات مقبلة)”.
و أكد الثقة على أهمية تفعيل هذا المقتضى في ظل تحول مجالس الجماعات، بكافة أنواعها، من التدبير بالطريقة التقليدية إلى التدبير حسب الأهداف التي يتم وضعها ثم تقييمها عند بلوغ الآجال المرسومة”، مؤكدا أن “الأساس في نهاية المطاف يبقى مدى حرص المسؤول على ملاءمة تدبيره مع المقتضيات القانونية، حتى لا يرتكب أي اختلال”.
في حين لم يستبعد جواد لعسري، أستاذ مختص في المالية العامة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إمكانية “مساعدة تقارير نجاعة الأداء السنوية نسبيا في عملية مراقبة تدبير الجماعات الترابية، إذ من شأنها أن تعطي للجهات المعنية بهذه المراقبة صورة “أقرب إلى الدقة” بشأن التدبير المالي لهذه المؤسسات المنتخبة”.
وأوضح المصرح عينه “أنه في غياب إلزامية هذه الوثائق الضرورية لإثبات صدقية وشفافية التقارير، فإن بإمكان رؤساء الجماعات أن يخطوا فيها ما شاؤوا، وستصبح هذه التقارير مثل الوعود الانتخابية التي لا يتم الوفاء بها”، مشددا على أن “هذا الغياب سيجعل المقترح القانوني المقدم بلا أي أثر عملي؛ ما يستدعي ضرورة تجويده التنصيص على إلزامية تقديم التقارير السنوية بوثائق مرفقة تثبت شفافيتها وصحة معطياتها”.
و بذلك، تشكل مقترحات الفريق الحركي خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام المحلي و من شأن هذه التعديلات أن تساهم في تحسين نجاعة السياسات العمومية وتعزيز دور الجماعات الترابية في تحقيق التنمية المستدامة، مما يعزز الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية ويضمن تحقيق التنمية المحلية.