لما نتحدث عن المعارضة نستحضر حقوقها الدستورية ونستحضر ايضا ضرورة ابتعادها عن الشعبوية والفرجوية ودغدغة المشاعر
المعارضة لها سلطة نافذة ذات قوة اقتراحية،على اعتبار أنه إذا كنا في حاجة إلى حكومة سياسية منسجمة متضامنة متكتلة حول مشروع حكومي واضح وقابل للتحقيق وليس حكومة تأتي بمشروع قانون وتصوت ضده في البرلمان ، فإننا في حاجة إلى معارضة قوية جادةومسؤولة، بعيدة عن الشعبوية وذات سلطة كابحة contre pouvoir ذلك أنها تشكل بديلا ذا مصداقية لمواجهةالأغلبية وتساهم في الرقابة والانتقادات البناءة للعمل الحكومي، وخلق جو من الشفافيةوالنزاهة والحكامة في التسيير، والحد والحيلولة دون تعسفات وتجاوزات السلطاتالسياسية، بالإضافة إلى الدفاع عن المال العام وعن حقوق الإنسان والحريات الفرديةوالأساسية؛
لذلك لا مجال له أن ينظر إليها بمنظار عدائي أو تآمري.
كما أن تقزيم دور المعارضة والحكم على مقترحات القوانين التي تسجلها بعدم البرمجةوالإقبار ومحاولة إسكات صوتها والتشكيك في مصداقيتها يعد تراجعا خطيراللديمقراطية، وبدل الانكباب على تحسين صورة البرلمان ونبذ الصورة الفرجوية التي أصبحت تشكل كابوسا للمواطن الذي كان ولا زال ينتظر أن تتحسن الاحوال ويتم نبذ تغول الأنا لدى البعض وتغليب المصلحة العامة ، وتجويد النصوص بدل الاعتماد على الكم، وتقديم البدائل الواقعية التي تصبوإلى خدمة مصالح المواطنين؛ علما أن الخطاب الملكي كان واضحا في هذا الشأن لما ذكرالبرلمانيين اللذين يستمدون ولايتهم من الأمة بأن على عاتقهم الارتقاء إلى مستوىالصالح العام وتغليب المصالح العليا للأمة كيفما كانت انتماءاتهم السياسية
بريطانيا مثلا منحت لقبا رسميا لرئيس المعارضة، وهو “رئيس المعارضة لدى صاحبةالجلالة”، كما أن مجلس التفكير في سير المؤسسات الجمهورية الخامسة بفرنسا المحدثسنة 2007 برئاسة Édouard Balladur سجل اعترافا صريحا وقويا بحقوق المعارضةبخصوص الحيز الزمني والتمثيلية في الرئاسات ومهام مقرري لجان التقصي. كما أنالدستور الفرنسي لسنة 2008 أقر جلسة في الشهر يكون جدول أعمالها مخصصاومبرمجا من طرف المعارضة. كما عرفت سنة 2007 ظاهرة تمثلت في منح رئاسة لجنةالمالية للجمعية العامة، أي ما يوازي برلمانا للمعارضة.. وهذه الخطوة كانت التزاما أخذهعلى نفسه رئيس الجمهورية السابق ساركوزي أثناء حملته الانتخابية.
لهذا إذا كنا نصبو إلى حكومة قوية لمواجهة الصعاب والتحديات الخارجية والداخلية،فما علينا إلا تغيير النظرة الدونية وتفادي الاستقواء والغطرسة وتمكين المعارضة منحقوقها الدستورية المسطرة بمقتضى الفصول 60 -10–82-100-101-من الدستورالمغربي ، وان تبتعد المعارضة عن الشعبوية و حب الظهور ودغدغة مشاعر البعض طمعا في المناصب المستقبلية ،