
منبر 24
تواجه شجرة الأركان، التي يحتفي بها المغرب والعالم سنويًا في العاشر من ماي، صعوبات متزايدة تهدد مستقبل إنتاجها واستدامة هذه السلسلة الحيوية، رغم قيمتها الثقافية والاقتصادية والبيئية. فبين الجفاف المتكرر، والرعي الجائر، والامتداد العمراني، أصبحت هذه “الشجرة المباركة” مهددة في معقلها الطبيعي الذي يقتصر على مناطق محددة في البلاد، خاصة جهة سوس ماسة.
ورغم تحقيق القطاع رقم معاملات بلغ 1139 مليون درهم في سنة 2019، بفضل إنتاج ناهز 5640 طنا من ثمار الأركان، فإن تراجع الإنتاج وتقلص المادة الخام أصبحا واقعًا مقلقًا للفاعلين الميدانيين. وتشغّل سلسلة الأركان ما يقارب 25 ألف شخص، معظمهم في الوسط القروي، وتشكّل موردًا اقتصاديًا حيويًا لآلاف النساء العاملات في التعاونيات، غير أن هذه المجهودات تصطدم بواقع مغاير تؤكده الأثمان المرتفعة التي بلغها زيت الأركان، والتي تصل إلى 800 درهم للتر الواحد في بعض الحالات.
عبد الحق عتيق، أحد مسيري التعاونيات، وصف الوضع بـ”المقلق”، مؤكدا أن الاحتكار وندرة المادة الخام يعيقان إمكانات النمو لدى التعاونيات الصغيرة، التي تجد نفسها في منافسة غير متكافئة مع شركات كبرى تسيطر على عمليات التصدير والأسواق الخارجية. كما أشار إلى أن الجهود المؤسسية ما زالت غير كافية لاحتواء الأزمة وضمان ديمومة القطاع.
من جهته، دعا عمر السعيدي، عضو تعاونية بمنطقة أسني، إلى نقل زراعة الأركان إلى مناطق أخرى خارج الصويرة وسوس ماسة، عبر دراسات تقنية لتحديد صلاحية التربة والمناخ، ما من شأنه تخفيف الضغط عن المحيط الأصلي للشجرة وتعزيز الاستدامة في مواجهة آثار التغيرات المناخية.
وتتفق آراء الفاعلين على أن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا عاجلًا من الدولة، عبر دعم التعاونيات، ومراقبة السوق، وتوسيع المساحات المخصصة للزراعة، من أجل صون هذا الموروث الطبيعي الفريد الذي يُعد جزءًا من الهوية البيئية والثقافية للمغرب.