المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقرير بعنوان: “المدرسة الجديدة، تعاقد اجتماعي جديد للتربية والتكوين”
انعقد صباح اليوم بمقر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ندوة صحافية بحضور مجموعة من الوزراء حيث القى الاستاذ الحبيب المالكي رئيس المجلس كلمته في مستهل أشغال دورته السادسة ، رحب من خلالها بالوزراء الجدد المكلفين بقطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي ، السيدين محمد برادة وعز الدين ميداوي، و انتهز الفرصة لشكر الوزيرين السابقين: السيد شكيب بنموسى، والسيد عبد اللطيف الميراوي ، على ما أسهما به من أعمال كأعضاء سابقين بالمجلس.
و اوضح المالكي ان «هذه القطاعات مؤتمنة مثلنا على الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، وعلى القانون الإطار، باعتبارهما مرجعا ملزما يعزز تراكم الإصلاحات ويوحد جهود الأطراف المعنية نحو تحقيق أهداف مشتركة تتجاوز نطاق الفترات الحكومية» ، كما دعى ايضا لمضاعفة الجهد والسعي الجماعي لجعل سنة 2025 سنة تسريع إعمال الإصلاح بالمواصفات التي تراعي الانتظارات المجتمعية من التربية، وتضع المنظومة على سكة التحول الدال.
و حسب اعتباره فان المجلس يعي جيدا حجم هذه الانتظارات ، باستحضار التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بضرورة مواكبة المجلس للإصلاح و كذا التنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية ، و ذلك من اجل الارتقاء بجودة التعليم، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، والارتقاء بالفرد وبالمجتمع.
و كما اكد في تقريره السنوي وآفاق عمل المجلس لسنة 2023 ، فإن المجلس يثمن كل المبادرات الإصلاحية المعتمدة قطاعيا ، معتبرا ان تسريع إعمال مقتضيات القانون و الإطار في ما يتعلق بالاطار القانوني و التشريعي هو ضمانة أساسية لاستدامة الإصلاح وتحصينه.
و حث على ضرورة إيجاد تصور مشترك نسقي وعرضاني للإصلاح من اجل مراعة المتعلمين عبر مساراتهم الدراسية والتكوينية من التعليم الأولي إلى العالي، إلى التعلم مدى الحياة ، والعمل على ما من شأنه ضمان التقائية السياسات والبرامج القطاعية في مجال التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، ودراسة مطابقة هذه السياسات والبرامج للاختيارات الاستراتيجية لإصلاح المنظومة.
و اعتبر على ان هذه الالتزامات تحفز على أن يكون للمجلس قيمة مضافة في ورش وطني يتعين أن يحقق أهدافه بالكامل، وبالسرعة التي تراعي سرعة العالم.
و افاد المالكي ان انشغال المجلس بإرساء ‘’ مدرسة جديدة’’ أهم موجه لأعماله منذ انطلاق ولايته الثانية ، التي تتمحور أساسا حول «المواكبة اليقظة، والاستباقية والاستشرافية لإصلاح المنظومة التربوية وبناء المدرسة الجديدة ».
كما اشار الى ان تقرير “المدرسة الجديدة، تعاقد اجتماعي جديد للتربية والتكوين” ، سيتعلق بتعميق التفكير في ماهية المدرسة الجديدة ومقوماتها وملامحها ومستلزمات تحقيقيها، وفق مقاربة نسقية واستشرافية تأخذ في الاعتبار التحديات المستقبلية وتجارب المنظومات التربوية الناجحة ، اذ يتمحور هذا التقرير حول سبع رهانات رئيسية، مرتبطة أساسا بالإشكالات العرضانية التي ظلت عالقة ، والتي اقترحت الرؤية الاستراتيجية في شأنها مقاربات مبتكرة.
و اضافة رئيس المجلس «حان الوقت، لعقد “مناظرة وطنية”، تجعل التدابير الإجرائية التي جاءت بها الرؤية الاستراتيجية وتقرير “المدرسة الجديدة” موضوع تداول مع كل الأطراف المعنية، وفق مقاربة تشاركية، تزاوج بين الخبرة المهنية والتجربة الميدانية والمصداقية السياسية» ، معتبرا انها «ستشكل مدخلا لهدف طموح يتعلق باستباق القضايا الإشكالية والمستجدة والصاعدة في أفق تحيين الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 ، وإرساء المدرسة الجديدة المستجيبة للحاجيات المستقبلية ، وسيضع المجلس قدراته وطاقاته في خدمة هذا الورش، واستدامة العمل من أجله».
و في سياق متصل اعرب الحبيب المالكي عن الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك لمغاربة العالم من خلال كل الخطابات التي يوجهها ، ودعوته الحكومة إلى العمل على هيكلة المؤسسات المختصة بالجالية المغربية بالخارج، وعلى رأسها مجلس الجالية المغربية بالخارج والمؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج ، مضيفا ان الدعوة معنية كذلك على قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي ، إلى الإسهام الجاد في تعزيز روابط الهوية والمحفزات الاجتماعية والتربوية لدى هذه الفئة تجاه بلدها، وتعزيز معارفها عن ثقافته وتاريخه ومنظومة قيمه.
و اكد المالكي «إن هذه المشاريع وغيرها، المندرجة ضمن خطة عمل المجلس، تستلزم وفق مقتضيات التدبير المالي والمحاسباتي نهج برمجة مالية سنوية؛ مما يجعلنا مدعوين اليوم كذلك للتداول في مشروع ميزانية المجلس برسم سنة 2025 واعتمادها، خلال أشغال هذه الدورة».
و وفق خطابه فان الجمعية العامة ستقف على عملين أنجزتهما الهيئة الوطنية للتقييم ، الاول يهم التقرير التحليلي حول منظومة التوجيه، حيث أظهرت التحليلات والمعطيات الكمية والكيفية للتقرير، أن نظام التوجيه المدرسي كما هو ممارس داخل المنظومة التربوية لازال لم يستوف بعد شروط الوجاهة، والنجاعة، والفعالية، والاستدامة.
اما الثاني فيعاني من أوجه محدودية تكمن أساسا في :
• سيادة الطابع الظرفي وغير المنتظم على أنشطته
• غياب تتبع فردي للمتعلمين على أساس كفاياتهم أو طموحاتهم
• الاعتماد في التوجيه على الانتقاء القبلي والمباريات دون أخذ الاختيارات وكفايات المتعلمين واحتياجات المحيط السوسيو-اقتصادي بعين الاعتبار
• غياب معطيات محينة وذات مصداقية عن بنية ودينامية الاندماج المهني للمتخرجين في سوق الشغل والكفايات المطلوبة
• الخصاص المسجل في أطر التوجيه المتخصصة في التوجيه
و اعتبر المالكي «أن كل إصلاح لنظام التوجيه المدرسي، مطالب بالتحرر من لزوم النظر إلى كفايات التلامذة من منظور معدلاتهم ونقطهم فقط. بل وجوب وضع التوجيه في قلب النموذج البيداغوجي والعملي طوال المسار الدراسي، إذا كنا نريد تكريس مبدأ الإنصاف والجودة والرقي بالفرد والمجتمع».
و من جهة اخرى اوضح الحبيب المالكي رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، ان تعدد المتدخلين ومستويات التوجيه ، وما يتبع ذلك من عجز واختلال ، يؤكد التقرير ما سبق للمجلس، ضرورة الإسراع بإنشاء الوكالة الوطنية للتوجيه ، بالاضافة الى وعي من المجلس بضرورة إيلاء أهمية خاصة للمستوى المجالي الترابي في متابعة فعالية الإصلاح ، عبر تقرير “الأطلس المجالي الترابي”، حيث تبنى المجلس تطوير الأدوات والآليات اللازمة لتقييم النظام التعليمي في شقه المجالي بشكل دقيق وفعال.
و علاوة على المعطيات فان هذا التقرير سيساهم في تسليط الضوء على موضوع البنية التحتية للمؤسسات التعليمية.
و خلص المالكي بتنسيق مع السيد محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ، نقطة جدول أعمال الدورة ، تهم تقديم عرض يهم الرؤية الحكومية للآفاق المستقبلية لمنظومة التربية الوطنية والتعليم الأولي على المدى القريب والمتوسط ، مشيرا الى « أن كل تفكير في الإصلاح التربوي وفي النهوض بالمدرسة هو استشرافي بالضرورة ، كما أن كل مقاربة استشرافية لا بد أن تزاوج بين الاستناد إلى التطور الحاصل في الماضي وإلى تشخيص الوضعية الحالية».
و من ناحية اخرى فقد ثم اليوم توقيع اتفاقية شراكة وتعاون، مع وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ، حيث ان هذه الدورة ستشكل فرصة لتعزيز سعي الجماعي لإرساء انخراط في مواكبة وتقوية ودعم منظومة التربية والتكوين بالبلاد ، وتفاعل اليقظ مع كل سياسات وبرامج الإصلاح.