تواجه شركات البناء والأشغال والإنعاش العقاري تحديات في الحصول على اليد العاملة اللازمة لتنفيذ مشاريعها، خاصة مع استقطاب مشاريع البنية التحتية لنهائيات كأس العالم 2030 لعدد كبير من العمالة المتخصصة.
ففي الوقت الذي وصل فيه معدل البطالة إلى 13.6 في المائة على المستوى الوطني خلال الفصل الثالث من السنة المنصرمة، تسببت ندرة اليد العاملة المهاجرة إلى أوراش المونديال في ارتفاع الأجور والتعويضات عن المهام بنسبة قدّرها المهنيون بزائد 30 في المائة، موضحين مثلا أن العامل المتخصص في ربط حديد الخرسانة بالأسلاك أصبح يتقاضى 4300 درهم وتزايد الطلب على خدماته في أوراش كبرى، تتعلق ببناء الملاعب والفنادق.
و شدد مهنيو القطاع على أن أغلب شركات البناء مرتبطة بعقود ومواعيد تسليم مع الجهات أصحاب المشاريع، حيث تمثل اليد العاملة عنصرا حاسما في الوفاء بالالتزامات وتجنب غرامات التأخير وتكاليف المنازعات الناشئة مع الزبائن.
وللتغلب على أزمة اليد العاملة، تلجأ شركات البناء إلى خدمات البحث عن العمالة في المناطق النائية، مع تقديم عروض سكنية وتصاريح عمل قانونية، لكن هذا الحل يواجه تحديات في التخصصات الدقيقة مما يهدد جدول الأعمال و يرفع هامش المخاطر التعاقدية.
وفي هذا السياق أوضح يونس فكير، مقاول وصاحب شركة للبناء في الدار البيضاء، أن “قطاع البناء والأشغال في المملكة يواجه تحديات حقيقية تهدد سير المشاريع ومواعيد تسليمها، مع تسجيل نقص حاد في اليد العاملة الكافية لتنفيذ المشاريع في الوقت المحدد”.
وأضاف أن هذا الوضع يرفع من المخاطر التعاقدية التي تواجه المقاولات، حيث يؤدي التأخير إلى خسائر مالية كبيرة وضرر سمعة الشركات.وأن الاعتماد المتزايد على العمال الموجودين لتعويض النقص عبر زيادة ساعات العمل يرفع من حدة الضغوط عليهم؛ ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتهم، وهو ما يُعمّق المشكلة بدلا من حلها.
ومن جهته أكد عمر الناصري الشرقاوي، مسؤول موارد بشرية بمكتب للتشغيل والخدمات، أن أزمة التشغيل في قطاع البناء تعود أساسا إلى ندرة اليد العاملة المؤهلة وارتفاع تكلفتها؛ وهو ما يشكل تهديدا لاستمرارية واستقرار الأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة، خاصة في ظل التحضيرات المكثفة لاستضافة تظاهرات عالمية كـ”المونديال”.
وأوضح الشرقاوي، أن “هذا الوضع يتطلب استجابة متكاملة وسريعة من مختلف الفاعلين، من حكومة ومقاولات ومؤسسات تكوين وكذا مكاتب تشغيل، لغاية تأمين الموارد البشرية الكافية لتأمين سير الأوراش”، مشددا على أن عقليات المقاولين في القطاع تغيرت وأصبحت أكثر ميلا إلى التقنين والاستعانة بعقود شغل، رغم بعض الاختلالات التي ما زالت قائمة، خصوصا على مستوى التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقيمة الأجور المدفوعة للعمال.
و تابع المتحدث أن “المغريات التي قدمتها أوراش المونديال لا تتجاوز الحد الأدنى للأجور المفروض دفعه للأجير، وكذا التصريح الدوري لدى الضمان الاجتماعي، حيث تلتزم جميع المقاولات الفائزة بطلبات عروض عمومية من أجل إنجاز مرافق وتجهيزات خاصة باستقبال الحدث باحترام هذه الشروط المنصوص عليها سلفا في دفاتر التحملات”.
وبذلك، يظهر أن أزمة اليد العاملة في قطاع البناء المغربي تتطلب تدخلا عاجلا وحلولا شاملة، لضمان استمرارية المشاريع وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.