يحتفل الشعب المغربي اليوم بذكرى تاريخية محفورة في ذاكرته الجماعية، وهي ذكرى 11 يناير 1944، التي تمثل نقطة تحول محورية في مسار النضال الوطني ضد الاستعمار، حيث تم تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. هذه الوثيقة لم تكن مجرد خطوة سياسية، بل كانت رمزًا لروح المقاومة والعزيمة التي تحلى بها المغاربة من أجل استعادة سيادتهم وحريتهم.
قبل 81 عامًا، كان الشعب المغربي قد قرر بشكل جماعي أن يواجه الاستعمار بشجاعة وبإرادة لا تلين، ويقدم للعالم وثيقة تعكس تطلعاته المشروعة نحو الاستقلال. هذه الوثيقة كانت خطوة أولى نحو بناء دولة ذات سيادة، ديمقراطية، موحدة، وذات هوية وطنية مستقلة.
تعود هذه المناسبة إلى فترات صعبة في تاريخ المغرب، حيث كان البلد يعيش تحت وطأة الاستعمار الفرنسي والإسباني. كانت البلاد مقسمة إلى مناطق نفوذ، وفي مواجهة هذا الوضع القاسي، كانت الحركة الوطنية تسعى بكافة الوسائل من أجل تحقيق الاستقلال واستعادة وحدة البلاد. من خلال انتفاضات شعبية ونضال مستمر، كان المغاربة يرفعون مطالبهم بالمساواة والإصلاحات السياسية، خاصة في السنوات الثلاثينيات من القرن العشرين.
في هذا السياق، برز دور الملك الراحل محمد الخامس، الذي أصبح رمزًا للحرية والوحدة. منذ توليه العرش في عام 1927، بدأ في تحفيز الشعب المغربي على مقاومة الاحتلال، ونجح في إشعال جذوة الكفاح الوطني. وفي مؤتمر أنفا الذي عقد في يناير 1943، رفع محمد الخامس مطالب المغرب بالاستقلال وأكد وقوفه مع الحلفاء في محاربة النازية، مما لاقى دعمًا من القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت.
هذه الذكرى تُعيد إلى الأذهان الملحمة التاريخية التي قادها الشعب المغربي تحت قيادة الملك محمد الخامس، الذي عاد إلى طنجة في 1947 ليؤكد تصميمه على تحقيق الاستقلال، مما أدى إلى نفيه لاحقًا من قبل السلطات الاستعمارية. ومع مرور الوقت، تحقق النصر، وعاد المغرب إلى سيادته مع إعلان الاستقلال في 1956.
إن إحياء هذه الذكرى اليوم ليس مجرد تكريم للماضي، بل هو تجديد للروح الوطنية التي تجمع المغاربة من جميع الأجيال. وستظل هذه المناسبة تذكرنا بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب المغربي في مقاومة الاستعمار، وتدعونا اليوم للاستمرار في الحفاظ على قيم السيادة والحرية، كما فعل أسلافنا من أجل وطنهم.
وبذلك، تظل ذكرى 11 يناير 1944 مناسبة لتأكيد العزيمة الوطنية، وللتأكيد على أن التحديات، مهما كانت صعبة، يمكن التغلب عليها بالإرادة المشتركة والالتزام بحلم واحد: وطن حر ومستقل.