كشفت جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب عن تقدم ملحوظ في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية، حيث أعلن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، أن عدد التلاميذ الذين استفادوا من تعليم الأمازيغية وصل إلى 650 ألف تلميذ، بينما بلغ عدد الأساتذة المتخصصين في تدريس هذه اللغة 3 آلاف و400 أستاذ وأستاذة.
أوضح برادة أن 40% من المدارس الابتدائية في المغرب أصبحت تضم مادة الأمازيغية ضمن مقرراتها الدراسية. وفي إطار تعزيز هذا التوجه، أكد الوزير أن الوزارة قد قامت بتوظيف 3 آلاف أستاذ جديد لتدريس اللغة الأمازيغية في مختلف المدارس، وهو ما يعكس التزام الحكومة بتوسيع دائرة تدريس هذه اللغة الوطنية، التي أصبحت جزءاً من المنظومة التعليمية منذ إقرارها كلغة رسمية في الدستور.
وفي رده على تساؤل أحد النواب بشأن إقصاء اللغة الأمازيغية من “مدارس الريادة”، أفاد الوزير برادة بأن الوزارة تعمل حالياً على إضافة مادة الأمازيغية إلى هذه المدارس في القريب العاجل. وأكد أن الوزارة تواصل العمل على تعديل المناهج الدراسية لتشمل الأمازيغية في أكبر عدد من المؤسسات التعليمية، بما يتماشى مع التوجهات السياسية للحكومة.
ورغم هذه الإنجازات، واجه الوزير برادة انتقادات من بعض النواب بسبب تأخر تعميم تدريس الأمازيغية في جميع المدارس المغربية. وفي رده على هذه الانتقادات، شدد برادة على أن “تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في التعليم هو واجب دستوري”، مؤكداً أن هذا الموضوع يحظى بقناعة ملكية عميقة واهتمام حكومي بالغ. وأضاف أن الحكومة تتعامل مع قضية تدريس الأمازيغية بجدية كبيرة، وأنها تسعى لتحقيق التوازن بين تفعيل هذا الطابع الرسمي وبين التحديات التي تواجهها المنظومة التعليمية بشكل عام.
وفيما يخص التعليم الأولي، الذي يعد أحد المحاور الأساسية في تطوير المنظومة التعليمية، أعلن برادة أن حوالي مليون طفل استفادوا من التعليم الأولي في المغرب حتى الآن. كما أشار إلى أن 83% من الأطفال في التعليم الأولي هم في المدارس العمومية، وهو ما يعكس تحسن وتوسع قطاع التعليم الأولي في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.
وفي سياق آخر، تم مناقشة مسألة “تسقيف” سن التوظيف في قطاع التعليم، الذي كان قد أقرّه سَلفُه شكيب بنموسى ولقي جدلا واحتجاجات متصاعدة، أثار من بعض النواب تسؤلات حول تأثير هذه السياسة على جودة التعليم. لأنه يَضرب روح ومنطوق النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومرسوم 2002، كما يخالف صراحة الأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات التي حصَرت سن التوظيف بين 18 و40 سنة، أوضح الوزير أن 95% من الناجحين في المباريات الخاصة بمهن التربية والتكوين هم دون سن 28 سنة، وهو ما يعكس التوجه نحو جذب الشباب المتحمس للعمل في القطاع التعليمي. وأكد برادة أن “تسقيف السن” يهدف إلى ضمان استقطاب الكفاءات الشابة التي تتمتع بالحيوية والطاقة اللازمة لإحداث تغيير إيجابي في قطاع التعليم.
وأعرب الوزير عن تفاؤله بمستقبل التعليم الأولي، مؤكداً أن الحكومة تبذل جهوداً كبيرة لتعزيز هذا النوع من التعليم من خلال تحسين البنية التحتية وتدريب المعلمين، بالإضافة إلى ضمان الوصول العادل إلى هذه الخدمة في جميع أنحاء المملكة.
تستمر الحكومة المغربية في تعزيز مسار إصلاح التعليم، خصوصاً فيما يتعلق بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية والتعليم الأولي. ورغم التحديات التي تواجهها، لا تزال هناك خطوات كبيرة نحو تحقيق أهداف التعليم الوطني، بما في ذلك تحسين جودة التعليم والتكوين، وضمان تكافؤ الفرص لجميع الفئات في مختلف أنحاء المملكة.
ورغم التحديات التي تواجه عملية تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية، يظل هذا التوجه جزءاً أساسياً من الإصلاحات التعليمية التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها. مع استمرار الجهود لتعزيز تدريس الأمازيغية وتوسيع نطاق التعليم الأولي، تبقى الحاجة إلى استراتيجيات مستدامة وفعالة لضمان تحقيق هذه الأهداف.