
منبر 24
قدّم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، السيد ستافان دي ميستورا، إحاطة رسمية أمام مجلس الأمن يوم أمس الاثنين، استعرض من خلالها آخر التطورات المرتبطة بالنزاع الإقليمي حول الصحراء، ووجه دعوة صريحة إلى ضرورة إطلاق دينامية جديدة للحل السياسي، مؤكداً أن السياق الإقليمي والدولي الراهن يفرض تعاملاً عاجلاً ومسؤولاً مع هذا الملف المستمر منذ عقود.
وأوضح دي ميستورا، في مستهل كلمته، أن الأشهر الستة الأخيرة لم تشهد أي تقدم ملموس نحو التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، مبرزاً أن هذا الجمود لا يُسهم إلا في تعقيد الوضع في المنطقة، ويُهدد بزيادة التوترات بين الأطراف المعنية.
وسلّط المسؤول الأممي الضوء على مستجدين دبلوماسيين اعتبرهما مهمين: أولهما زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن، والتي أعاد خلالها وزير الخارجية الأمريكي التأكيد على دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، بوصفها “جادّة وذات مصداقية”، مع التشديد على ضرورة أن يكون الحل “متوافقاً عليه بشكل متبادل”. وثانيهما، زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، في سياق تحسين العلاقات الثنائية دون أن تُشير مباشرة إلى ملف الصحراء.
وأشار دي ميستورا إلى أن تجدد اهتمام أعضاء دائمين في مجلس الأمن بالنزاع، يعكس الرغبة الدولية في دفع مسار التسوية، لكنه في الوقت ذاته يُظهر هشاشة الوضع الإقليمي، خاصة في ظل استمرار القطيعة بين المغرب والجزائر، وتزايد الإنفاق العسكري، وانعدام قنوات التواصل الرسمية.
وفي حديثه عن زيارته الميدانية الأخيرة إلى الرباط، الجزائر، نواكشوط وتندوف، أوضح دي ميستورا أن اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين في المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر، لم تأتِ بأي جديد على مستوى المواقف الرسمية، في حين أعرب المسؤولون الموريتانيون عن استعدادهم لدعم المساعي الأممية في إطار من “الحياد الإيجابي”.
كما تطرّق المبعوث الأممي إلى الوضع الميداني، معرباً عن تقديره الكبير لعمل بعثة المينورسو رغم التحديات الميدانية والمالية، مشدداً على أهمية دعم هذه البعثة كعنصر أساسي في أي تسوية سياسية محتملة.
في الجانب الإنساني، عبّر دي ميستورا عن بالغ قلقه إزاء الوضع في مخيمات تندوف، حيث يواجه اللاجئون الصحراويون تراجعاً حاداً في المساعدات الغذائية، مع احتمال وقفها كلياً خلال الصيف المقبل، ما لم يتم تأمين تمويل إضافي. ونقل المبعوث الأممي مشاعر الإحباط واليأس التي لمسها لدى ساكنة المخيمات، وخاصة في صفوف الشباب، مستشهداً بعبارات مؤثرة وردته من إحدى الشابات التي قالت: “عندما أموت، لا أريد أن أُدفن هنا. أريد أن أرى وطني، وأن أُدفن هناك.”
وفي ختام إحاطته، شدد دي ميستورا على أهمية المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة الصحراوية في العملية السياسية، معتبراً ذلك ضرورياً لبناء مستقبل قائم على الشمولية والكرامة.
ودعا دي ميستورا أعضاء مجلس الأمن إلى استثمار فرصة الأشهر الثلاثة المقبلة لبلورة خريطة طريق جديدة تُمهّد لعقد جلسة حاسمة في أكتوبر 2025، تكون مناسبة لإحداث اختراق في هذا الملف الذي يُصادف هذه السنة ذكراه الخمسين داخل الأمم المتحدة.
وأكد في ختام كلمته التزامه الكامل، بدعم من الأمين العام، بمواصلة جهوده الرامية إلى تسهيل حل سياسي واقعي، متوافق عليه، ويُراعي تطلعات جميع الأطراف