منبر 24
تزايدت حدة الجدل السياسي في المغرب بعد التصريحات المتضاربة بشأن كلفة الدعم الحكومي الموجه لاستيراد الأغنام، حيث أكد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن المبلغ لم يتجاوز 300 مليون درهم، بينما كشف محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الرقم الحقيقي يفوق 13 مليار درهم، استنادًا إلى وثائق رسمية. ووفقًا لبنعبد الله، فقد مُنحت إعفاءات ضريبية واسعة النطاق لـ 277 مستوردًا، إلا أنها لم تحقق أي تأثير إيجابي على أسعار اللحوم والأضاحي في السوق الوطنية.
واعتمد بنعبد الله في تصريحاته على معطيات رسمية وردت في الوثيقة الحكومية المعنونة بـ”المعطيات والبيانات الإضافية المطلوبة من طرف الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب”، والتي أوضحت أن الحكومة ألغت رسوم الاستيراد والضرائب على القيمة المضافة المفروضة على استيراد الأبقار والأغنام، مما كلف خزينة الدولة خسائر بلغت 13.3 مليار درهم. كما تضمنت الوثيقة تفاصيل بشأن فترة الإعفاءات، التي امتدت من أكتوبر 2022 إلى نهاية ديسمبر 2024، والتي استفاد منها 133 مستورداً للأبقار و144 مستورداً للأغنام.
وفي ظل استمرار الجدل، أوضح الطالبي العلمي خلال استضافته في برنامج “السياسة بصيغة أخرى”، يوم 28 مارس 2025، أن ما تم إنفاقه فعليًا لم يتجاوز 300 مليون درهم، وليس 1.3 مليار درهم كما زُعم، مشددًا على أن عدد المستوردين المستفيدين من الدعم بلغ 100 وليس 18 كما ورد في تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين. غير أن تصريحاته قوبلت بانتقادات من طرف المعارضة، حيث اعتبرتها محاولة “للهروب إلى الأمام” وسط التناقضات الحكومية بشأن الأرقام المعلنة.
وفي هذا السياق، انتقدت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، تصريحات الطالبي العلمي، معتبرة أنها تعكس ارتباكًا واضحًا داخل الحكومة، التي يبدو أنها منشغلة بالتحضير للانتخابات المقبلة بدلاً من التركيز على القضايا الجوهرية مثل البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة. وأكدت التامني أن ما يهم المواطنين ليس الصراع الداخلي بين الوزراء حول الأرقام، بل تأثير هذه السياسات على حياتهم اليومية، مشددة على أن الغموض الذي يحيط بهوية المستفيدين من هذه الإعفاءات يثير تساؤلات حول النزاهة والشفافية في تدبير المال العام.
من جهته، وصف رضا بوكمازي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الجدل القائم بأنه “فضيحة قانونية وأخلاقية”، مشيرًا إلى أن الحكومة خرقت القانون الإطار للإصلاح الجبائي، الذي يمنع الجمع بين الدعم العمومي والإعفاءات الضريبية. وأضاف أن تخصيص 500 درهم لكل رأس غنم مستوردة، إلى جانب الإعفاءات الضريبية، يشكل تجاوزًا قانونيًا واضحًا، معتبرًا أن الطالبي العلمي لم يمارس دوره الرقابي لكشف حجم الأموال المصروفة، بل سعى إلى التقليل من حجمها، مما يثير الشبهات حول المستفيدين الحقيقيين من هذه العملية.
