اعلان
اعلان
سياسة

ملف “سامير” سبع سنوات من التقاعس الحكومي و العجز التشريعي في حماية السيادة الطاقية للمغرب

اعلان

محمد بنجلون التويمي، نائب برلماني عن فريق الأصالة و المعاصرة بمجلس النواب

عاشت المملكة ظرفية اقتصادية صعبة، كنتيجة حتمية لنشوب نزاع مسلح بين دولتين فاعلتين مركزيتين في الاقتصاد العالمي، كل من دولة روسيا و دولة أكرانيا، ومن دون شك شكلت التبعات الجيو-اقتصادية و المالية لهذه الأزمة المتعددة الأبعاد، عبئ ثقيلا على مختلف الاقتصاديات الدولية سواء منها الصاعدة أو الرائدة على المستوى العالمي، وإثر هذه الأزمة عرفت المملكة اضطرابا مشهودا على مستوى ضبط الارتفاع غير المسبوق لتسعيرة المحروقات داخليا، التي أثرت بشكل ملموس ومباشر على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، إلى جانب الدفع نحو مزيد من تضييق دائرة الطبقة المتوسطة و الرفع من مؤشر الفقر و الهشاشة.

اعلان

اعتبارا لذلك وبعد مرور أزيد من سبع سنوات على انطلاق أزمة مصفاة البترول لشركة “سامير” الناتجة عن تراكم ديون في ذمتها بلغت أزيد من 40 مليار درهم، وما سجله المغرب من خسارات متراكمة ناتجة عن توقف تكرير البترول ببلادنا، يحق لنا أن نتساءل بكل مسؤولية و تجرد عن أسباب هذا التقاعس الحكومي عن وضع سياسة طاقية واضحة و فعالة لتمنيع السيادة الطاقية الوطنية وحمايتها كما هو حال بالنسبة للسيادة الأمنية، الصحية و الغذائية، الى جانب عجز المبادرات التشريعية في الدفع نحو تأميم هذه المنشئة الطاقية الفاعلة إيجابا في الاقتصاد الداخلي للمملكة المغربية،

المؤشر الأول في هذا الملف، الذي أصبح بمثابة معركة قانونية وأخلاقية و اقتصادية، لعدد من الفعاليات الوطنية الحية في مقدمتها الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، هو استمرار عرض هذه القضية على أنظار القضاء، إذ و إلى حدود اليوم لازال السانديك المعين من قبل المحكمة التجارية بالدار البيضاء يمارس مهامه غير المسبوقة بالنسبة له سواء على مستوى طبيعة الملف أو حجم الأصول و الخصوم على حد سواء التي تحوزها الشركة و التي وجد معها نفسه أمام ملف ضخم، معقد و متشعب ” أكد عدد من الخبراء الماليين” صعوبة إلى استحالة تسويته وفق مساطر مدونة التجارة أو تفويته نظرا لثقل الديون المسجلة على عاتق الشركة، إضافة إلى قيام مالك حصة الأسد من أصول الشركة 64 بالمائة بعرض النزاع أمام محكمة التحكيم الدولي التابعة للبنك الدولي، الى جانب تداخل البعد السياسي نظرا للدور لاستراتيجي الذي كانت تلعبه هذه المصفاة على مستوى توفير المخزون الوطني للنفط، و تكرير هذه المادة داخل الحيز الترابي للمملكة مما يسمح بالتحكم في أثمنة المحروقات هذه المادة الحيوية المؤثرة في مختلف مناحي الاقتصاد الوطني بما يحافظ على مناخ السلم و الأمن الاجتماعيين، إذا ما رصدنا التفاعلات اللاحقة لارتفاع هذه المادة من قبل عموم المواطنات و المواطنين،

المؤشر الثاني، يكتسي بعدا سياسيا و تشريعيا، يتعلق بمدى تمكن الفاعل البرلماني (الغرفة الأولى و الثانية)، من إعلان ما يمكن أن اسميه (حالة الطوارئ التشريعة)، حين المس بأحد الأعمدة الإستراتيجية للاقتصاد الوطني و لا سيما حين بروز مظاهر هذا التأثير على المواطن المغربي، وقد شكلت إجابة الحكومة على المبادرة التشريعية الفريدة في هذا الباب و المتعلقة بتأميم هذه المصفاة لفائدة الدولة، برفض مناقشة موضوعها داخل اللجنة البرلمانية المعنية، على أهمية المبادرة و جديتها إعلانا واضحا على النوايا الصريحة للحكومة اتجاه تسويف هذا الملف،

اعلان

ويمككنا أن نؤكد ذلك، بعدما أنهت الحكومة عامها الأول بغياب واضح لتوجهات السياسة العامة الطاقية على مستوى البرنامج الحكومي، فهل يكون لوبي المحروقات، ولا مركب نقص في التصريح بذلك، وهو الموجود على المستوى العالمي، قد نجح في ربح معركة إقبار هذه الشركة؟

لقد شكل هذا الملف، في فترات سابقة آلية ناجعة لربح المعارك الانتخابية، و لجذب الأصوات الانتخابية، وها نحن اليوم في الزمن الحكومي و التشريعي و السياسي العادي و الطبيعي بدون أجندات حزبية و سياسوية ضيقة أو أهداف خاصة نؤكد من موقع الفاعل و المتابع و المسؤول البرلماني، على انه آن الأوان لتتحمل الحكومة مسؤوليتها في وضع حد لهذا الملف ذي البعد الاستراتيجي،

وإذا افترضنا جدلا، استعصاء ملف مصفاة “سامير” و تعقد حله، فإن فكرة إحداث مشروع كبير بمثابة مركب جديد للبيتروكيماويات خارج المدن و الدوائر الحضرية تكون مصفاة تكرير النفط و تخزين المنتجات البترولية جزء منه، كما عُبر عنه في كواليس العلاقات الدولية بين المملكة و دولة من كبار منتجي و مصدري النفط عالميا،

لا شك أن مشروع من هذا المستوى لا يمكن إحداثه إلا بالاستفادة من التجارب الدولية الرائدة، على مستوى الخبرة و التكوين اللازم في مجال الطاقة بما يُمكن المملكة من لعب الدور الجدير بها في مجال الطاقة بالقارة الإفريقية،

مشروع مركب للبيتروكيماويات الى جانب الشراكة الدولية الرائدة الهادفة لإنشاء أنبوب الغاز القادم من نيجيريا عبر دول غرب إفريقيا، سيقوي مكانة و موقف المملكة في مختلف القضايا الإقليمية و القارية، بالإضافة إلى انعكاس ذلك على مجالات التشغيل و مناخ الاستثمار ، ولاشك أن مشروعا كبير من هذا المستوى، في حالة إحداثه، سيعفي ساكنة مدينة المحمدية من الأضرار البيئية الجانبية لكل صناعة ترتبط بشكل من الأشكال بمادة النفطـ،

ان بلادنا لن تكون يوما اقل من الدول غير المنتجة للبترول، و الرائدة في الصناعات الناتجة عنه و المصاحبة له، في مقدمتها التكرير، غير أن الأهم في فتح باب هذا النوع من الاستثمارات الكبرى هو فرض التوازن و الاحترام التام للسياسة الناجعة لبلادنا تحت الإشراف المباشر لجلالة الملك، حفظه الله على البعد الدستوري للتنمية المستدامة، سواء من خلال تعزيز و تقوية قدرات بلادنا في إنتاج الطاقات المتجددة و الصديقة للبيئة، و المغرب رائد اليوم و لله الحمد على هذا المستوى،

إن بلادنا اليوم لا تحتاج إلى إعادة تشغيل مصفاة “سامير” فقط، بل إلى فتح مجال الاستثمار في مجال الطاقة على المستوى الدولي و تحت رقابة و مسؤولية الدولة، و لا يتأتى ذلك إلا بوضع سياسة طاقية واضحة الأهداف، في أفق تسقيف هوامش ربح شركات المحروقات وهو الموضوع الذي يحتاج إلى قراءة متخصصة والى تفاعل موضوعي من قبل مجلس المنافسة.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى