
أثارت المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي جدلاً واسعًا في الأوساط القانونية، حيث تناقش بعض النقاط المتعلقة بكيفية تنظيم ملاحقة جرائم الفساد المالي وتقييد النيابة العامة في ملاحقتها. هذه المادة كانت محط اهتمام كبير من قبل مهنيين حقوقيين وقانونيين، خاصة أنها تضع شروطًا معينة تقتصر على إحالة الملفات من جهات إدارية قبل تحريك الدعاوى العمومية، باستثناء حالات التلبس. وفي المقابل، يرى البعض أن المادة تهدف إلى ضمان إطار قانوني منظم يضمن التعامل السليم مع قضايا الفساد، وفي هذا السياق يُطرح سؤال حول مدى تناسبها مع الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية.
تنص المادة 3 من المشروع على أن الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم المتعلقة بالمال العام لا يمكن أن تتم إلا بناءً على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، وبناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو من خلال تقرير من جهات مختصة مثل المفتشية العامة للمالية أو الهيئة الوطنية للنزاهة وباستثناء هذه الشروط، فإن المادة تسمح للنيابة العامة بمباشرة الإجراءات تلقائيًا في حالات التلبس.
هذه المادة أثارت انتقادات تتعلق بتعارضها مع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، خاصة المادة 13 التي تدعو إلى تمكين الأفراد والجمعيات من تقديم شكاوى مباشرة إلى القضاء بشأن قضايا الفساد. كما أثيرت تساؤلات حول إمكانية تطبيق مبدأ التلبس في جرائم الفساد المالي، التي لا تتسم في الغالب بوضوح الأدلة الفورية التي تدعم هذه الحالات.
النقد الأبرز لهذه المادة يتجه نحو تأثيرها على استقلال النيابة العامة. حيث يعتقد بعض المهنيين أن اشتراط إحالة الملفات من قبل جهات إدارية معينة، مثل المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشيات العامة، يشكل قيدًا على حرية النيابة العامة في اتخاذ قرارات مستقلة بشأن متابعة الجرائم. وهذا قد يعرقل جهود محاربة الفساد، ويضعف القدرة على معالجة القضايا بشكل فعال.
وبهذا، تبقى المادة 3 محل جدل حول ما إذا كانت تمثل خطوة نحو تنظيم أكثر دقة لمحاربة الفساد، أو أنها قيد إضافي على استقلال القضاء وفعاليته.