
يعيش المحامون المغاربة في الفترة الحالية حالة من الترقب في انتظار إحالة مشروع قانون المهنة إلى البرلمان، وذلك بهدف بدء عملية التشريع الخاصة به، بعد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي جمعتهم بعبد اللطيف وهبي، وزير العدل. يتطلع المحامون إلى أن يُترجم التوافق الذي تم التوصل إليه في تلك الجلسات إلى نصوص قانونية واضحة تعكس مواقفهم بشأن قضايا محورية تخص المهنة.
في السابق، شهدت العلاقة بين المحامون ووزارة العدل بعض التوترات، خاصة خلال النقاشات حول مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23، حيث كانت هناك اتهامات من المحامون للوزارة بعدم فتح حوار جدي ومثمر. ورغم أن الوزير كان يرد على تلك الانتقادات بالدعوة إلى “الموضوعية” و”الشفافية”، فإن الوضع اليوم يبدو مختلفًا، إذ تم تجاوز تلك الخلافات والتوصل إلى تفاهمات هامة تتعلق بمستقبل قانون المهنة.
وقد تمحورت النقاشات الأخيرة حول عدة نقاط رئيسية، على رأسها استقلالية المهنة وعلاقة المحامين بالقضاة، وهو الأمر الذي يشغل اهتمام المحامون بشكل كبير. كذلك، كانت مسألة تمثيلية النساء في هيئات المحامين أحد الموضوعات التي تم التطرق إليها، حيث يتطلع المحامون إلى تعزيز هذه التمثيلية ضمن النقاشات حول مشروع القانون، معتبرين أن التنوع داخل المهنة أمر ضروري لدعم دورها الاجتماعي والقانوني.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك رغبة في التأكيد على ضرورة تجنب تكرار النقاشات التي دارت سابقًا حول مشروع قانون المسطرة المدنية، والتي شهدت وقتها خلافات كبيرة بين الطرفين. لذا، يولي المحامون أهمية خاصة للمرحلة الحالية، آملاً أن يكون قانون المهنة الجديد تعبيرًا حقيقيًا عن التوافقات التي تم التوصل إليها خلال الجلسات مع وزارة العدل.
من جهته، صرح عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، داخل مجلس النواب، بأنه تم التوصل إلى اتفاق مع المحامون حول مسودة قانون المهنة، مشيرًا إلى أن المشروع لا يزال ينتظر رأي بعض الجهات المعنية قبل أن يتم إحالته إلى البرلمان. وكان الوزير قد ذكر أن مجموعة من مشاريع القوانين، التي تهم المهن القانونية المختلفة، ستتم إحالتها قريبًا على البرلمان، مما يفتح المجال لتنظيم وتطوير القوانين المنظمة للعمل القانوني في المملكة.
وفي تعليقه على التطورات الأخيرة، أكد الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن الحوار مع وزارة العدل كان مثمرًا وشفافًا، مشيرًا إلى أن اللقاءات التي جرت كانت موضوعية وبناءة. وأوضح الزياني أنه من المهم أن يتم تجسيد جميع التوافقات التي تم التوصل إليها في النصوص القانونية التي ستنظم عمل المحامين، مؤكدًا أن القانون المنتظر يعد خطوة هامة نحو تحسين وضعية المهنة وتنظيمها بما يتماشى مع تطورات الواقع القانوني والاقتصادي في البلاد.
ورغم أن المشروع ما زال في طور الانتظار، إلا أن المحامون يأملون أن يسهم هذا القانون في تعزيز استقلالية المهنة، وتوضيح العلاقة بين المحامين وباقي مكونات السلطة القضائية، إلى جانب تعزيز تمثيلية النساء في الهيئات المهنية. كما يأمل المحامون أن يسهم هذا القانون في تنظيم وتطوير مهنة المحاماة بما يخدم المصلحة العامة ويواكب التحولات القانونية والاقتصادية في المغرب.