اعلان
اعلان
مجتمع

المرأة و العنف الإقتصادي…بين المكشوف و المستور

اعلان

المرأة و ا
دائما ما يتم التطرق لموضوع العنف القائم على النوع الإجتماعي و هو العنف الممارس ضد المرأة فقط لكونها ” إمرأة” بشكل عام و سطحي، و إن تم تسليط الضوء على نوع معين من العنف فغالبا ما يتم التركيز إما على العنف الجسدي أو النفسي، تاركين أنواع أخرى لا تقل أهمية و خطورة عن النوعين السالفين الذكر، “كالعنف الإقتصادي” على سبيل المثال ، فهذا النوع من العنف يعطي الفرصة للرجل سواء كان الأب ، الأخ ، الزوج أو حتى الإبن بالتصرف في المرأة بطريقة غير قانونية، و الأهم بطريقة مخالفة لإرادتها و رغبتها الشخصية و من مظاهر هذا النوع من العنف حرمان المرأة من حقها في الإرث و الحجز على ممتلكاتها الشخصية إلى جانب التحكم في بطائقها الإئتمانية و الإستحواذ على رصيدها البنكي، و أحيانا قد يصل هذا التعنيف إلى درجة منعها حتى من الإطلاع على راتبها الشهري الذي تعمل من أجل الحصول عليه ليل نهار ،و بالتالي تصبح المرأة في هذه الحالة ” “معالة” بدل ” معيلة”، على الرغم من أنها تمارس نشاطا إقتصاديا معينا يخول لها التمتع بذمة مالية مستقلة .
طبعا هذا النوع من العنف لم يظهر بين عشية و ضحاها ، بل جاء منذ زمن بعيد نتيجة تلك العادات و التقاليد الرجعية التي تصر على أن تعود بنا إلى العصر الحجري ، أضف إلى ذلك طبيعة التنشئة الإجتماعية التي ترعرع عليها كل من الرجل و المرأة على حد سواء ، تلك التنشئة التقليدية الكلاسيكية التي تعتبر أن مسؤولية المنزل على الرجل حتى و إن كان الواقع المعاش يثبت عكس ذلك ، إذ هناك صنف من الرجال، عفوا أقصد “أشباه الرجال” ينامون فجرا طبعا ليس لقيام الليل و يستيقظون على الرابعة عصرا ليجدون كل شيئ جاهز و مقدم لهم على طبق من ذهب ، بينما تستيقظ المرأة على السابعة صباحا لتركض وراء لقمة العيش التي من المفروض أن يركض ورائها الملقب ” بالرجل” ، فأين ذهبت ياترى الآية الكريمة « الرجال قوامون على النساء» فأمثال هؤلاء غالبا ما يستحضرونها في غير مكانها الصحيح ، طبعا فهم يفسرون الدين حسب ميولاتهم و رغباتهم و الأهم حسب ما يفيد مصالحهم الشخصية .
و الأدهى من ذلك أننا نجد نساء عاملات، مثقفات و متقلدات لمناصب عليا ، و لكن مع الأسف نجد أنهن الأخريات يرغمن على التنازل عن حقوقهن و مكتسباتهن المادية ، و يجبرن على أخذ قروض لا ترغبن بها، و كل ذلك تحت بند طاعة الزوج أو ولي الأمر كما يسمونه ، و المرأة هنا تستسلم خوفا من الطلاق و سهام المجتمع التي لا ترحم .
إذن دعونا لنعترف أننا كنا و لا زلنا نعيش في ظل مجتمع يتمتع فيه الرجل بكافة حقوقه ، مقابل بعض الواجبات ، الكثير منها غير مفروضة عليه بل متروكة له و لضميره ، هذا إن كان يملك ضميرا من الأساس ، كنا و لا زلنا نعيش في مجتمع يهيئ للمرأة أن تعيش “عالة” ثم يتركها في مهب الريح تصارع مصيرها المجهول ، مجتمع يطالبها بالزواج لتعيش في كنف رجل لا يعرف معنى الرجولة الحقيقية ، مجتمع يطالبها بالإنجاب و يتركها رفقة أبنائها إن تطلقت أو ترملت بدون أدنى مساعدة ، مجتمع يتهم المرأة بنقصان العقل و هو الذي يسعى إلى تجهيلها منذ أن تولد ، مجتمع يتطلع ظاهريا إلى الحرية و العدالة و لازال يمعن بل و يتلذذ في ظلم المرأة و إستصغارها…هو مجتمع لن ينال و لو جزئا من العدالة قبل أن يطهر نفسه من ظلم المرأة.

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى