اعلان
اعلان
مجتمعمقالات الرأي

الونخاري.. الإعدام في التشريع الإسلامي يروم حفظ المصالح وليس الانتقام

اعلان
اعلان

ميّز أبوبكر الونخاري، الكاتب الوطني لشبيبة العدل والإحسان، بين عقوبة الإعدام كما جاء بها النص الشرعي، وبين عقوبة الإعدام كما هي مرتّب في القانون الجنائي المغربي، مشيرا إلى “بعض الناس يعتبرون بعض العقوبات المنصوص عليها في القانون المغربي، كالإعدام، مصدرها التشريع الإسلامي، وهذا غلط”.

وأشار الونخاري، في حوار خاص مع “منبر24″، إلى أن “غاية العقوبة في الدين الإسلامي تستند إلى مبدأ عام يروم حفظ المصالح العامة والفردية في المجتمع، وليس الانتقام أو الاعتداء على الحقوق الكلية للإنسان”، مبرزا أن “هناك عقوبات مقررة شرعا بنصوص قطعية منحَ فيها الشارعُ للناس سعة في التطبيق، وهنا يأتي دور الاجتهاد البشري في التنزيل”.

اعلان

وضرب المتحدث ذاته مثلا بالقصاص في القتل المتعمد، مبرزا أنه “هو القتل يقوم به ولي الأمر (الذي يكون من الناس لا عليهم)، أو من ينوب عنه، وليس تركا لأيدي الناس تنفذه على هواها وبدافع الانتقام، لكن دون هذه العقوبة في ما يخص القتل المتعمد منح الشارعُ للناس إمكانية العفو والصفح، والديّة، وإذا ما تعذر ذلك كان القصاص بإنزال العقوبة المتناسبة مع فداحة الجرم، وبهذا المعنى يكون العقاب أن تُجزيَ المرء العاقل المدرك لتبعات أفعاله أثناء الجرم من جنس ما اقترفه”.

وأضاف أن “شرط التناسب بين الجريمة والعقوبة يحفظ “حق” المتهم في أن لا يشعر بأنه ظلم في الحكم عليه بما اقترفت يداه، وأيضا يحفظ حق المعتدى عليه أو ذويه في أن يشعروا بأنه لم يؤخذ لهم بحقهم ضد ظالمهم”.

وشدد على أن مما يؤطر “فلسفة” العقاب في الإسلام أن “العقوبة عامة ولا تستثني أحدا، غنيا أو فقيرا، حاكما أو محكوما، فـ”وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”. فضلا عن تنزيل العقوبة يخضع لنظر الناس بحسب ظروفهم وسياقات الجرم، وهنا نستحضر تعطيل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لحدّ من حدود الله أخذا بعين الاعتبار الظروف التي أحاطت بارتكاب الجرم (السرقة). هذا نموذج على النظر في الغايات والمآلات وقراءة النص الشرعي وفقها”.

اعلان

وبخصوص أسباب تعطيل عقوبات تنفيذ عقوبة الإعدام في حق المدانين، أجاب الونخاري بأن “القانون الجنائي المغربي يتضمن عقوبة الإعدام نعم، لكن تنفيذ هذه العقوبة توقف منذ عقود، لأسباب ربما ترتبط بما يسميه البعض “التزامات المغرب” الدولية بعد توقيعه العديد من الاتفاقيات في هذا المجال”.

وأكد أن “عقوبة الإعدام أثارت وتثير باستمرار النقاشات، بين من يعتبرها عقوبة تتناسب مع نوع من الجرائم البشعة، وأنها وسيلة تحقق هدف الردع، وتحقق العدالة، فيما يراها البعض عقوبة “وحشية” ويحاججون بحق أي إنسان في الحياة”.

وبشأن المطالبات بتنفيذ عقوبة الإعدام في حق مغتصب الطفل عدنان في طنجة، قال إن “الحكم سيُبنى بحسب نظر المحكمة التي تنظر في القضية، وأيا كان الحكم فإنه يعني حالة واحدة، ولن يحلّ كل المشكلة”.

وأردف قائلا إن “العقوبة، حتى وإن كانت إعداما، على أهميتها، لا تحقق كلّ المطلوب فيما يخصّ حماية أبنائنا وبناتنا، وحتى لو نفذ الإعدام في حق المشتبه فيه في اغتصاب وقتل الطفل عدنان فهل سيتوقف الاغتصاب؟ صحيح “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، لكن تدخل سلطان القانون هو الاستثناء في المجتمعات السليمة، لأن تدخله لاحقٌ على تربية المجتمع على حفظ الأرواح والأعراض واستعظام أمرها، والتيقن بأن عذاب الله أشد لمن تجرّأ على الحرمات”.

وزاد: “في المجتمع الإنساني، وأقصد كل المجتمعات، هناك جريمة وعقاب، وتحقيق التناسب في ترتيب العقوبة مع فداحة الجرم منوط بالنظر في ثقافة المجتمع ومعتقداته”.

وتابع حديثه بأن نقاش الإعدام الجاري هذه الأيام يبقى “جزئيا وظرفيا وأنه نتيجة لحالة التعاطف الواسعة مع الطفل عدنان رحمه الله، بسبب هول الجريمة الشنيعة التي حصلت، وليس مرتّبا في سياق نقاش مجتمعي واسع وهادئ. الكل تعاطف مع الحالة، ومن يطالبون بإعدام المشتبه فيه يعبرون، ضمنيا، عن حالة الغضب من الجريمة وهذا حقهم، وأيضا يريدون حلا لعدم تكرار مثل هذه الجرائم، التي تهزّ في كل مرة المغاربة، وهنا يمكن أن نسائل بشأنها الأداء الأمني، وأيضا طبيعة الأحكام التي تصدر بحق المدانين في مثل هذه القضايا المثيرة لتقزز الطبع السوي.

وفي جوابه عما إذا كان “مع أو ضد” عقوبة الإعدام، قال: “الجواب عن هذا السؤال هو انخراط ضمني في الاصطفاف المفتعل والمنفعل الذي يجري تفجيره لتقديم أجوبة ظرفية على حالة ماثلة، ثم يعود الجميع إلى حياته العادية دون أن نكون قد ساهمنا في نقاش جدي لحل المشاكل المتراكمة”.

وأضاف أن “دين أغلب المغاربة هو الإسلام، وفي شرع الله هناك تنصيص على عقوبة القتل، والشارع حددها لحالات محددة ومحصورة، وأحاطها بكثير من الاحترازات قبل الوصول إلى مرحلة اليقين المفضي إلى التنفيذ وإنزال العقوبة، حتى يكاد الدارس عند النظر فيها يستعصي تطبيقها لجهة إثبات الفعل. إلا ما كان ظاهرا وجليّا، ويمسّ ضروريات للدين، وبما يحفظ تماسك المجتمع، وهذه غايات سامية لا علاقة لها بالانتقام”.

واختتم حديثه بأن “المهمة الحقيقية التي استقال منها كثيرون، ليست في إنزال أقسى العقوبات بالمخالفين، بل تربيتهم وتأهيلهم حتى لا يعتدوا على حقوق الغير، أما العقاب فالنظام الظالم والعادل، على السواء، أقدر على إنزاله، وقد يحقق الردع وقد لا يحققه، رحم الله الطفل عدنان وكل ضحايا هذه الجرائم البشعة”.

ويأتي هذا الحوار الخاص مع الكاتب الوطني لشبيبة العدل والإحسان أبوبكر الونخاري، في إطار الجدال الحاصل بسبب جريمة قتل الطفل عدنان في مدينة طنجة، والذي تحول النقاش فيه إلى فورة بركان غاضب على مصير طفل انتشرت صوره قبل أيام، في عملية بحث واسعة، قبل أن يُصدم الرأي العام في العثور عليه مقتولا أمام بيته واشتباه في تعرضه للاغتصاب قبل رحيله.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى