انطلقت بسلا أمس الخميس، فعاليات الدورة الثامنة للأيام الوطنية لنزهة الملحون، التي تتواصل إلى غاية خامس يونيو الجاري، تحت شعار ” فن الملحون تراث شعبي مغربي أصيل”.
واستهلت هذه الدورة، التي تنظمها جمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجماعة سلا، بعقد ندوة فكرية حول أدوار الباحث “عبد الرحمان الملحوني في خدمة التراث الشعبي، فن الملحون نموذجا”.
وأجمع المتدخلون، خلال هذه الندوة، على غنى وتعدد إسهامات المحتفى به في البحث الأكاديمي والدراسات العلمية الرصينة بشأن فن الملحون، وكذلك التجارب الصحفية التي خاضها من خلال مساهماته القيمة في كتابة مقالات بجرائد ومجالات مختلفة، والتجارب الإذاعية التي قام بها من خلال إنتاج وتقديم البرامج داخل الإذاعة الوطنية والإذاعة الجهوية بمراكش.
وأبرز الباحث في الثراث، أنور أصبان، في مداخلة له، أن عبد الرحمان الملحوني تشبع بهذا التراث انطلاقا من والده، ومجالسته أشياخ الملحون في طفولته، مما مكنه من تبني مشروع فكري للحفاظ على التقاليد الشفهية المتعلقة بهذا الموروث، وتولي مهمة الجمع والتوثيق.
وفي قراءته لكتاب “مشموم الحمراء” لعبد الرحمان الملحوني ،قال الباحث ذاته “إن الأمثال الشعبية شكلت ظاهرة اجتماعية،مكنت من تدوين التاريخ السياسي للدول”،وهذا ما استخرجه الملحوني من خلال سرد في تاريخ المقاومة المغربية وعلاقتها بالأمثال الشعبية”، وأشار إلى أن الكتاب يروم تسليط الضوء على التراث المغربي الشفهي الأصلي، الذي ارتبط بالذاكرة الإستعمارية، والملاحظ حسب المتحدث، أن هذا “المشروع الفكري الذي تبناه الباحث الملحوني لايمكن أن ينجح إلا اذا تبنته مؤسسات علمية كبيرة ومرموقة”، وهذا الذي دفع الباحث إلى إبراز كل قدراته الفكرية والبحثية من أجل ثوثيق فن الملحون سير ا على نهج والده في التشبث بهذا الموروث.
وسجل أنه من الصعب على أي كاتب أن يوثق ما قيل في هذه المدينة او تلك او ما تخططه الدراسات والأبحاث،لكن الملحوني اتخذ من جمع التراث ونشر المقالات في الموسوعات والتدوين مسؤولية، لخصت نصف قرن من البحث الأكاديمي”.
ودعا المتدخل،الى “الإستفادة من التراث الذي دونه الملحوني ومن مشروعه المتكامل في الحفاظ على الثقافة الشفهية المرتبطة بذاكرة الملحون ،وكون جنس الأمثال الشعبية المشك ل للملحون يحظى باهتمام بالغ من طرف المغاربة”،مضيفا ان هذه الامثال الشعبية تساهم في وصل الماضي بالحاضر،وتعد معلمة من معالم التفكير ولها رواسب اجتماعية وفكرية”.
وذكر الباحث أصبان أن الملحوني عمل على نشر التراث، وتحقيق الهدف الأساسي وهو نقله للأجيال اللاحقة، وسعى كذلك إلى استحضار الذاكرة الشعبية والثقافة الوطنية بكل مكوناتها، من خلال نشر الكتب وتشجيع الشباب على الاهتمام بهذا التراث”.
في نفس الإتجاه ذهب عبد البر حدادي، الكاتب والمؤرخ إذ قال إن “الاحتفاء بالملحوني خلال هذه الدورة، هو اعتراف لما قدمه الرجل من اسهامات في خدمة التراث بشكل عام، وفن الملحون بشكل خاص، وتبنيه مشروع ا فكريا كبيرا انبرى له من خلال كتابات متفرقة لتتطور الى تجربة أكاديمية واذاعية مع الإذاعة الوطنية”.
وأضاف أن “كتاباته أغنت الخزانة المغربية، وجعلت اسمه معروفا لدى الباحثين والمهتمين بفن الملحون،ومن خلال الكتابة والتأليف سبر أغوار المصادر التاريخية الشفهية وما تختزنه من مادة علمية”،كما ان له دور كبير في نقل الثقافة الشعبية الشفهية الى ثقافة مكتوبة.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن الملحوني ساهم كذلك في فتح الدارسات الجامعية أمام فن الملحون وتشجيع الباحثين الشباب،لخلق غنى وتنوع ثقافي،شكل علامة فارقة في البحث التراثي عن فن الملحون الذي يميز المغرب عن باقي الأقطار العربية باعتباره فنا مغربيا خالصا “.