
منبر24
في موقف أثار جدلاً داخلياً وخارجياً، طالب النائب البرلماني الجزائري عن حركة البناء الوطني، عبد القادر بريش، بتدخل تركي مباشر لدى السلطات السورية من أجل التوسط للإفراج عن عدد من العسكريين الجزائريين المحتجزين في سوريا منذ عدة أشهر، من بينهم عناصر يُعتقد بانتمائهم إلى جبهة البوليساريو.
الدعوة جاءت في سياق تقييم النائب لفشل زيارة وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى دمشق في فبراير 2025، حيث اصطدم برفض قاطع من الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع لأي مبادرة لإطلاق سراح المعتقلين، مبرراً ذلك بإخضاعهم للمساطر القانونية السورية باعتبارهم جزءًا من تشكيلات عسكرية غير نظامية.
وخلال ظهوره الإعلامي على قناة “الشروق” الجزائرية، شدد بريش على أن الوضع الإنساني للمحتجزين لا يحتمل مزيداً من التأجيل، داعياً إلى مقاربة واقعية تنفتح على الوساطة التركية، بالنظر إلى ما تمتلكه أنقرة من نفوذ دبلوماسي واسع وعلاقات متشابكة مع مختلف الفاعلين في الملف السوري.
واعتبر أن التوجه نحو تركيا لا يُعد تنازلاً عن السيادة، بل خياراً استراتيجياً تفرضه تعقيدات المرحلة، موضحاً أن تبني هذا المسار قد يفتح الباب أمام تسوية تفاوضية تقي الجزائر الدخول في متاهات إقليمية أكثر تعقيداً، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة.
في المقابل، تساءل بريش عن صمت الخارجية الجزائرية إزاء هذه القضية، معتبراً أن التردد في اتخاذ خطوات حاسمة يضر بصورة البلاد ويعكس ارتباكاً في الأداء الدبلوماسي، لا سيما أن الأمر يتعلق بأبناء المؤسسة العسكرية، ما يُوجب التعاطي مع ملفهم بأقصى درجات الجدية.
ورغم حرص البرلماني على وصف المعتقلين بأنهم “جنود جزائريون”، إلا أن مصادر متقاطعة تؤكد تورط عناصر من جبهة البوليساريو في هذه القضية، حيث تشير المعطيات إلى أنهم التحقوا بصفوف قوات موالية للنظام السوري خلال محطات حاسمة من النزاع، ما يطرح تساؤلات عميقة حول دوافع هذا الانخراط والجهات التي سهلت انتقالهم إلى مسرح الصراع.
وبحسب تقارير إعلامية دولية، فإن هذه العناصر لم تكن جزءاً من القوات الرسمية، بل نشطت ضمن ميليشيات غير نظامية تلقت دعماً مباشراً من قوى إقليمية داعمة لدمشق، وقد جرى أسرهم في محيط مدينة حلب خلال عمليات عسكرية شهدت انشقاقات بين المقاتلين الأجانب.
ويُعتقد أن دمشق تحتفظ بهؤلاء كمادة تفاوضية في ملفات إقليمية شائكة، وهو ما يزيد من تعقيد الملف ويُحرج الجزائر، خاصة في ظل ما تكشفه القضية من تشابك بين الدعم الجزائري للبوليساريو وتورط الأخيرة في صراعات خارج نطاق نزاع الصحراء.
ويرى مراقبون أن إثارة القضية في البرلمان، مقرونة بالدعوة للوساطة التركية، تعكس ارتباكاً جزائرياً في التعامل مع تداعياتها، خاصة بعد انكشاف وجود عناصر من البوليساريو ضمن المحتجزين، ما يمنح المغرب نقاطاً إضافية في معركته الدبلوماسية، ويُعيد النقاش حول توظيف هذه الجبهة في أجندات إقليمية تزعزع الاستقرار.