في خطوة غير متوقعة، أثار تقرير بثته قناة BFM TV الفرنسية حول قضية الصحراء الشرقية جدلاً واسعاً في الجزائر، بعدما تم تفسيره على أنه موقف فرنسي صريح يدعم المغرب في نزاعه حول هذه المنطقة الحساسة. التقرير، الذي جاء في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية الفرنسية ازدهاراً ملحوظاً، أعاد فتح ملفات تاريخية وسياسية كانت تعتبر من المحظورات بين البلدين. هذا الموقف الذي اعتبره الإعلام الجزائري انحيازاً خطيراً، أطلق موجة من الغضب بين المسؤولين والإعلاميين في الجزائر، ما يعكس هشاشة الخطاب السياسي في البلاد كلما تعلق الأمر بمواقف المغرب، خاصة في قضايا حساسة مثل الصحراء الشرقية.
وأثار مصطلح “الصحراء الشرقية”، الذي يرمز إلى الأراضي التي اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المغرب وضمتها الجزائر، جدلاً سياسيًا وتاريخيًا حساسًا بعد بث تقرير على قناة BFM TV الفرنسية. هذا التقرير فُسّر في الجزائر على أنه دعم فرنسي لموقف المغرب بشأن الصحراء الشرقية، ما أسفر عن موجة من الغضب الرسمي وغير الرسمي.
ردود الفعل الجزائرية لم تتأخر، حيث سارع الإعلام الموالي للنظام الجزائري للهجوم على القناة الفرنسية، معتبراً ما ورد في التقرير “انحيازًا خطيرًا”. كما ذهب بعض المحللين إلى الحديث عن “مؤامرة فرنسية مغربية” تهدف إلى إعادة فتح ملف الحدود التاريخية بين البلدين. وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت التعليقات الغاضبة من الذباب الإلكتروني الجزائري، مطالبة برد فعل قوي من السلطات، بينما حاول بعض الإعلاميين التقليل من أهمية التقرير معتبرين إياه “هفوة إعلامية”.
هذا الغضب العلني يعكس القلق الكبير داخل أروقة الحكم في الجزائر، إذ أن إثارة قضية الصحراء الشرقية على هذا النحو من طرف وسيلة إعلامية فرنسية تضع النظام الجزائري في موقف دفاعي محرج، وتفتح المجال أمام تساؤلات داخلية حول شرعية الحدود الحالية. من جانبها، يدرك المغرب الذي ظل متجنبًا التصعيد بشأن الصحراء الشرقية، أن التوازنات الدولية أصبحت أكثر فائدة لصالحه، حيث حقق اختراقات دبلوماسية قوية في ملف الصحراء المغربية وحصل على اعترافات دولية بشأن سيادته.
رغم فترات التوتر التي شهدتها العلاقات بين الرباط وباريس، إلا أن التعاون بين البلدين لا يزال قائمًا على المصالح الاستراتيجية المشتركة. هذه المصالح قد تدفع فرنسا إلى إعادة النظر في سياستها تجاه القضايا الإقليمية، بما يتماشى أكثر مع التوجهات والمصالح المغربية، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء الشرقية.