الجائحة أثبتت أن المهاجرين لا يضرون بالاقتصاد، موضوع خطاب ملكي موجه لقمة بروكسيل
وجه الملك محمد السادس، خطابا إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي، التي تنعقد ببروكسيل،
الخطاب تلاه وزير الشؤون االخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، حيث قال إن الجائحة أثبتت أن تنقلات المهاجرين، لا تضر بالاقتصاد، بل إن لهؤلاء، على العكس من ذلك، أثرا إيجابيا، سواء على بلدان الاستقبال، التي غالبا ما يشتغلون فيها بصفتهم “عمالا أساسيين”، أوعلى بلدانهم الأصلية
كما شدد في خطابه قائلا “من ثم يتعين مقاربة هذه القضية، لا بصفتها تحديا فحسب، بل باعتبارها مصدرا هائلا للفرص”، مضيفا بالقول: “إننا لنؤكد بكل اقتناع، بصفتنا رائدا للاتحاد الإفريقي بشأن قضية الهجرة، أننا سعينا دوما إلى تبديد أشكال سوء الفهم التي تحيط بهذا الموضوع”.
كل ذلك ينسجم مع رسالة المرصد الإفريقي للهجرة، الذي أنشئ بمبادرة منا، يضيف الملك، مؤكدا أن هذه الرسالة “تتمثل في توفير البيانات والمعطيات الموضوعية حول الهجرة، وتوضيح الحقائق، والتوفيق بين مصالح كل من إفريقيا وأوروبا في حال تعارضها، وإحلال منطق العلاقة العضوية بين تنقل الأشخاص والتنمية، محل المنظور الأمني الصرف، انسجاما مع روح المقاربة الإنسانية لميثاق مراكش”.
وجاء في نفس الخطاب“من الطبيعي أن يخاطب المغرب، بحكم انخراطه في دينامية التاريخ وحرصه على مراعاة متطلبات المصير المشترك، كلا من إفريقيا التي ينتمي إليها وأوروبا الشريكة الجارة والمباشرة”، مبرزا أن “التعليم والثقافة والتكوين المهني والتنقل والهجرة كلها قضايا تشكل مجتمعة أولويات عملنا في المغرب وفي إفريقيا، وفي إطار شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي”.
واعتبر الملك، أن “القاسم المشترك بين كل هذه القضايا هو الشباب الذي يشكل رأسمالنا البشري، والذي ينبغي للشراكة بين القارتين أن تستثمر فيه ومن أجله بما يضمن لها بلوغ أقصى إمكاناتها. ثم لأن هذه القطاعات الكبرى قد تضررت بشكل بالغ من تداعيات الجائحة، وهو ما يتطلب منا مجهودا مشتركا واسع النطاق”.
ففي المقام الأول، وفي مجال التعليم، يقول الملك، “يجدر التذكير بأن 94% من تلاميذ العالم عانوا من إغلاق مؤسساتهم التعليمية في ذروة الجائحة. لذلك، يتعين علينا تأمين استمرارية التعليم، مع مراعاة السياق الجديد للتحول الرقمي في قطاع التعليم. ويكتسي هذا المطلب العام أهمية حيوية في إفريقيا التي يمثل الأشخاص دون سن العشرين 50% من مجموع سكانها”.
وأشار الخطاب الملكي إلى أن “مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا الخاصة بالتكوين المهني، تحتاج على غرار اقتصاداتنا، إلى تحقيق انتعاش قوي من أجل تدارك قرابة 1800 مليار ساعة ضائعة من زمن التعلم”، وفضلا عن ذلك، يضيف الملك، “فإن الثقافة لم تسلم، هي الأخرى، من تداعيات الجائحة، أولا من الناحية الاقتصادية، ثم من حيث إتاحة الولوج إليها”.
وأكد في هذا المجال، أن وقع الجائحة كان بالغا، مما يحتم استئناف مختلف أشكال التعاون الثقافي، من أجل إعطاء دفعة جديدة لهذا القطاع، الذي يعد رافعة حقيقية للتقارب في إفريقيا وفي أوروبا وبين إفريقيا وأوروبا.
وشدد الملك محمد السادس على أن “ضمان التعليم وتسريع وتيرة التكوين والتشغيل لفائدة شبابنا، والنهوض بالثقافة، وتنظيم الهجرة وتنقل الأشخاص، يعد رهانا أساسيا للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي”.
وزاد أن “هذه الأهداف الواعدة هي ما ينبغي أن نراعيه في مقاربتنا للشراكة التي ننشدها. فلا إفريقيا ولا أوروبا قادرتان أي منهما على تحقيقها بمعزل عن الأخرى. وبالتالي، فإن لنا مسؤولية مشتركة في هذا الباب تمليها علينا مصالحنا المشتركة”.
وعبر الملك عن أمله في أن “تشكل نقاشاتنا اليوم خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، لأن الثروة الحقيقية للشراكة بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي لا تكمن في التئام 81 دولة، بل في دفعها إلى الانخراط بكل حزم من أجل السلام والاستقرار والرفاه المشترك، أي من أجل مستقبل المواطنين كافة، أفارقة وأوربيين.