سليمة فراجي تكتب ..ما جدوى اللائحة الوطنية ان كانت الاحزاب لا تنتصر لتزكية النساء في اللوائح المحلية ؟
بين من يصف اللائحة الوطنية بمجرد ريع، ومن يعتبرها إجراء مرحليا ، هل تمكنت المرأة المستفيدة من اللائحة الوطنية للوصول إلى قبة البرلمان ، من الترشح وخوض غمار الانتخابات والفوز بمقعد عبر اللوائح المحلية ؟ اطلاقا ، لكون التزكية لا تمنحهاالأحزاب الا لكبار ممولي الحملات الانتخابية والماكينات الانتخابية machines électorales , وان منح التزكية لامرأة قد يشكل مخاطرة كبيرة ، لانها لا تحسن خو ض المعارك الانتخابية وتعجز عن بذل المال في اغلب الحالات ، وتحرم الحزب من مقعدمضمون متى تمت تزكية ذي مال من يتقن فن خوض المعارك ، وبالتالي فان مرحلةالتكوين والإنفاق واكتساب التجارب خلال الولاية التي قضتها نائبات اللائحةالوطنية تصبح حبرا على ورق وهدرا للمال العام وضربا لمبدأ الحكامة الجيدة!
لا شك ان السياسات العمومية في ضمان تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبةتوجت بعدة إخفاقات وتعثرات ، علما ان دستور 2011 شكل محطة مهمة في تضمين مبادئ المساواة وانصاف المرأة وارساء مقتضيات دستورية متعلقة بالمساواةوالمناصفة وتكافؤ الفرص في جميع المجالات ، كما حث على وضع سياسات عموميةللنهوض بوضعية النساء في جميع المجالات والعمل على تنزيل ذلك من خلالقوانين تنظيمية وهيئات دستورية ، وقد اقر الدستور المغربي العديد من هذهالمقتضيات في الفصول 164-146–34–31 -22-19 وذلك انطلاقا من ان تطور وتنمية أيمجتمع رهين بتقدم وضعية المرأة فيه ومساواتها مع الرجل في كل مجالات الحياةالعامة والخاصة وحتى في دواليب القرار، لكن محطات مهمة سواء تعلق الامرباستحقاقات انتخابية تشريعية أو جماعية أو التعيين في مناصب سامية اثبتتتعثر ادماج المرأة في بعض مناصب المسؤولية أو الفوز بمقاعد نتيجةاثر اجراءالعمليات الانتخابية ، ذلك انه لم تحظ النساء برئاسة جهة واحدة من الجهات الاثنيعشر ،إبان استحقاقات 2015 , باستثناء جهة واحدة مؤخرا وفي ظروف معينة ، وجهة ثانية اثر استقالة رئيس مجلس الجهة ، اثنتان على رأس الجماعات ، ثلاثنساء في الغرف الفلاحية ، ناهيك عن الباطرونا التي لم تقدم الا امرأة واحدة من بينثمان مقاعد ، علما أن النقابات تمكنت من الحصول على سبع مقاعد نسائية من أصل20 ، الأكثر من ذلك فإنه بالرجوع الى الفقرة ما قبل الاخيرة للمادة 17 من القانونالتنظيمي 14-113 المتعلق بالجماعات نجدها تنص على انه يتعين العمل على انتتضمن لائحة ترشيحات نواب رئيس الجماعة عددا من المترشحات لا يقل عن ثلثنواب الرئيس ،وان الدورية الوزارية عدد 3834 بتاريخ 4/9/2015 أكدت على إلزاميةتمثيلية النساء وألا يقل عدد المترشحات عن الثلث ، وان الدورية الوزارية 5648 الصادرة في 8/9/2015 بخصوص التمثيلية النسائية داخل مكاتب مجالس الجهاتومجالس الجماعات أكدت على ضرورة تضمين لائحة ترشيح نواب الرئيس عددا منالمترشحات لا يقل عن الثلث ، علما ان النواب البرلمانيين خصوصا البرلمانيات دافعن باستماتة عن المقتضى المذكور ، وساير القضاء المشرع اذ قضت المحكمة الاداريةبالرباط ببطلان العملية الانتخابية في شقها المتعلق بانتخاب نواب الرئيس هذهاللائحة التي تضمنت مرشحتين فقط من ضمن عشر نواب الرئيس على اعتبار انه لميتحقق فيها شرط الثلث، خصوصا وان عبارة يتعين، تفيد الإلزام بالنسبة للبعضفي حين تجزم عبارة : يجب اذ تفرض الوجوب بدل الجواز وعلى عكس عبارة يمكنالتي يفهم منها شرط الإمكانية ،
لذلك وبما ان القوانين التنظيمية جاءت بصيغة لكن الواقع اثبت ان أغلبية النساءالمعنيات بشغل نائبة الرئيس وحسب التصريحات بالشرف المدلى بها في المحاضرتشير أنهن يتنازلن عن هذه النيابة للمرشحين الذكور بل الاكثر من ذلك صرحتالبعض ان تنازلهن لفائدة إخوانهم الذكور يحمي الصالح العام والشأن المحلي ،الشيء الذي حدا بالرؤساء الى تعويضهم بنواب ذكور ، من جهة اخرى تبين فيالجماعات القروية استحالة قبول النساء للترشح للعضوية فمن باب أولى قبول نيابةالرئيس وما يترتب عنها من التزامات يومية يصعب على المرأة القيام بها نظراللمعيقات السوسيوثقافية والعقلية الذكورية المترسخة و الاكثر من ذلك ففي بعضالحالات حتى من قبلن الترشح للعضوية لا يجتمعن مع باقي الأعضاء الا بحضورالأزواج او الإخوة او الأب وما يستتبع ذلك من احراج لباقي الأعضاء المنتخبين .
ومن ثم يتبين ان المشرع وتماشيا مع مقتضيات الدستور الذي ينص على ان الدولةتسعى الى تحقيق المناصفة طبقا للفصل 19 من الدستور و تشجيع تكافؤ الفرصبين المواطنات والمواطنين في ولوج الوظائف الانتخابية طبقا للفصل 30 من الدستوروكذلك الفصل 146 الذي يشير الى القانون التنظيمي الذي يحدد شروط تدبير الجهاتوالجماعات الترابية والذي أكد على احكام تحسين تمثيلية النساء داخل المجالسالمنتخبة ، حرص في القوانين التنظيمية على اشتراط النسبة بصيغة الوجوببخصوص تمثيلية النساء ، الشيء الذي جعل هذه النسبة ترتفع في المجالسالجماعية من 12,5الى 21,5 في استحقاقات 2015/9/4ً ،ولا ننسى ان تمثيلية التساءفي مجلس النواب ارتفعت من اقل من 1في المائة سنك 1993 الى 17في المائة حاليا ، لكن هل يكفي التشريع في هذا الميدان وتطبيق القانون من طرف المحاكم والحديث عنالديموقراطية الحقيقية وتوجه الدولة والمجتمع المدني لإشراك المرأة في اتخاذ القراروتبوأ مراكز المسؤولية والسهر على الشأن المحلي ، لتغيير واقع ظهر بشكل ملفتللنظر بمناسبة الطعون في العمليات الانتخابية ،واقع نستنتج منه انه يتعين دراسةمميزات الشعب المغربي خصوصا في المغرب العميق والعالم القروي لأن عمليةالتشخيص ومعرفة مكامن الخلل هي الخطوة الاولى قبل عملية المعالجة وسنالقوانين المنظمة لها ، اذا كان يتعذر على الرجال وكلاء اللوائح إيجاد النساء للوصولالى النسبة المشترطة ، وإذا كانت النساء ترفضن نيابات الرؤساء بقوة تصريحاتمصححة الإمضاء لا يهمنا ان كانت موضوع مساومات لأن من يقبل المساوماتللتنازل عن حقوقه يكون فاقدا لحرية الاختيار بحكم الجهل او الفقر او المعيقاتالسوسيوثقافية المتراكمة عبر العقود والأزمنة ! لذلك نستنتج ان التشخيص يدفع الىالإحساس بالظلم لكن بدل ان نفكر في الأسباب الحقيقية لهذا الظلم كي نرفعه نصبغضبنا على القوانين القائمة والتي لم تتلاءم مع وضع النساء الخاضعات لأنماطمتعددة للانتهاكات والممارسات الضارة والتمييزية والمهدرة للكرامة لذلك معركة المرأةيجب ان تكون معركة ضد الفقر والإقصاء والهشاشة والأمية والهدر المدرسي ، ومعركةالقانون تقتضي سن نصوص واضحة بدل مقتضيات تحتمل جميع التفسيرات مثالذلك تغيير لفظ : يتعين ب: يجب ، او تحقق الدولة مبدا المناصفة بدل لفظ : تسعى ،
واذا كانت المعيقات السوسيوثقافية لا زالت تعتبر حاجزا حقيقيا كما قال الفيلسوفالألماني كانط E.kant ان كل فرد في المجتمع يصبو الى التحرر ، لكن يصبو في نفسالوقت الى الإبقاء على أغلاله وتلك هي المعضلة ، فإن الطريق لا يزال شاقا وطويلالبناء دولة ديموقراطية تضمن تعزيز موقع النساء في مراكز القرار السياسي ، وعمليةالتشخيص أظهرت ان مكامن الخلل تتلخص في المراة نفسها في مواجهة معيقاتتاريخية ، وعقلية ذكورية لا زالت ترفض في اللاشعور تبوأ المراة مراكز المسؤولية ،وتستعملها كورقة تستعمل اثناء الحملات الانتخابية ، اي خزانا انتخابيا يضمنعدد الاصوات ، ونصوص قانونية يشوبها الغموض التشريعي البناء لتفسر لصالحالطرف القوي ويسهل التحايل عليها .