اعلان
اعلان
ثقافة وفن

شذرات من فكر المهدي المنجرة: (الفقرقراطية في العالم العربي)

اعلان

 

“لماذا هناك الفقر؟ يجب فهم أسباب الفقر وعدم الاقتصار على بعض الصدقات-إن الصدقة لا تعوض روح المحبة ولا تنمية مع هذه المساعدة-احتفظوا بها لأنفسكم..وكفوا عن إعطاء بعض الفضلات للناس لكي لا يثوروا..”.

اعلان

 

هكذا انتفض صاحب “قيمة القيم” في وجه “الفقر” الشيء الوحيد الذي يرى أن له مستقبلا في هذا العالم حيث اصطف إلى جنب “الفقراء” على ثراء اسرته فالأمر لم يعزله عن هؤلاء بقدر ما جعله يتغلغل وسط مشاكلهم والتزاماتهم.

 

اعلان

البحث غير كثير عن مساره يكفي ليجعلنا قبالة “عالم من درجة مناضل” لم ينفك قط عن الدفاع عن حقوق “الفقراء” و”المقصيين” و”المهمشين” أينما وجدوا في ربوع هذه القرية الكوكبية.

 

الحديث عن “الفقراء” لم يبارح ندواته وكتاباته، وهو أينما حل وارتحل يتكلم بصوت مرتفع: “لا” في وجه “الفقر” الذي يرى فيه عقبة كؤودا في سبيل التحول الديمقراطي في الشعب العربية.

 

“لا توجد إرادة حقيقية للقضاء على الفقر الذي يتصاعد بسبب تلك المساعدات الفنية الأجنبية أو تدخل المنظمات غير الحكومية في المجالات الاجتماعية للمجتمعات الثالثية وكأنها ذات سيادة على هذا العالم. إننا نعيش في الفقر، والفقر أضحى آلية للحكم وتكريسه عبر استفحال مشكلة التوزيع غير العادل للثروات والموارد.  والمغرب يعد من البلدان التي تحيا ميزا اجتماعيا وطبقيا صارخا حيث يصل عدم توزيع العادل إلى أرقام قياسية كالبرازيل”. وشتان بين “الفقر العالمي” و”الفقر في العالم” لأن أغلبه متعلق برؤية “الفقرقراطية” رغم أن الأراضي العربية تعتبر من المناطق الغنية بثرواتها والفقيرة بفقر شعوبها.

 

ويطلعنا المنجرة في فصل “فقراء إفريقيا والوصفة الغربية السيئة للعلاج” من كتابه “القدس العربي رمز وذاكرة” في سنة 1988 قيم “هالس هانسن” المستشار بوزارة التنمية النرويجية عقد الثمانينات، اعتبارا لكونه كان عقدا من الإخفاقات، حيث إن الفقراء في البلدان الفقيرة عانوا من “الوصفات السياسية للبلدان الغربية المانحة”، وهؤلاء الفقراء من يؤدون ثمن تفقير بلدانهم، حيث أن المساواة لا تزداد في حين أن عددا كبيرا من بينهم فقد منصب شغله، والأجور تم تجميدها ..لينهي المستشار بوزارة التنمية النرويجية قائلا: “لقد فشلنا فشلا ذريعا في علاقاتنا بإفريقيا..وذلك بسبب تبعيتهم المتصاعدة اتجاهنا”.

 

ويعلق “خبير العلاقات الدولية” على الأمر معتبرا المعطيات الجديدة للنظام الدولي والاحتلالات الكبرى للنظام الاقتصادي العالمي والمصالح والمحفزات التي تحرك برامج المساعدة الثنائية والأزمة الخطيرة التي يجتازها التعاون متعدد الأطراف، مؤشرات لا تعبر عن “سخاء دولي”.

 

حيث ليست هناك مساعدة لأن “التدفق المالي بين الجنوب والشمال سلبي” والتنمية الاجتماعية تتطلب استراتيجية الاعتماد على النفس لا تكون فيها المساعدات الخارجية إلا ذات طابع تكميلي، حيث التحويل الذاتي يشجع على مراجعة الهياكل الاقتصادية والاجتماعية الموزونة على العهد الاستعماري كما يقتضي اختيارا أكثر حزما على مستوى الأولويات.

 

كما كشف “الخبير المستقبلي” بلغة الأرقام هشاشة واقع المجتمع المغربي، ليخبرنا على معطيات صادمة، إذ إن الفئة الغنية بالمغرب تمثل حوالي 10 في المائة من السكان، أما الفئة الفقيرة فتربو على 50 في المائة بمدخول يقل عن 20 درهم في اليوم، ويذهب إلى أنه إذا كان الفرق في بداية الاستقلال من 1 على 10 او 12 فانه أصبح اليوم من 1 على 100، بمعنى ان “الغني أصبح اغنى” و “الفقير أصبح أفقر”.

 

ويشير في هذا المضمار: “و يا ليت أن بعض الأغنياء، قد راكموا ثرواتهم بمجهودهم وبالحلال، أما في الواقع، فإننا نجد جزءا كبيرا منهم يصنع ثروته بطرق أخرى غير مسموح بها، لكن لا أحد يتحدث عنها، وإذا أخذنا الرشوة، فسنجد أنها أصبحت جزءا من المنظومة..وكل يجب أن نفسره بهذه المقاربة، فإذا ألمتك يدك وذهبت عند الطبيب، فستجد أن الطبيب الجيد يبحث في كل جسدك عن السبب وليس فقط في يدك.

 

ويقدم العالم المنجرة “الوصفة الغربية السيئة للعلاج لفقراء افريقيا”، وصفات لعلاج “الفقر بالمعرب”، حيث من بين ما دعا اليه غير ما مرة للقضاء على الفقر: ردم الهوة الساحقة بين من يملكون الثروات ومن لا يحصلون حتى على لقمة العيش في أكناف قلة ذات اليد وخلاصة لمنهاج سياسي ولخطة اجتماعية، حيث فشلنا فشلا تاما وتحديدا على مستوى امتلاك الموارد البشرية التي هي أساس العالم الاقتصادي الجديد.

 

يتحدث مستشرفا: “منذ حوالي خمس سنوات، أي سنة 1995، حاولت أن أقارب كيف سيكون المغرب سنة 2020، وقد ضمنت هذه المقاربة بموقعي على الإنترنيت، علما أن تمارين المستقبل لا تدخل في نطاق الدقة المطلقة، لأن وظائفها هي التمكين من الرؤية عن بعد وتصور هذا المستقبل مع استحضار الوسائل التي من شأنها توجيه المسار وجهة معينة، لكن من أجل ذلك يجب توفر رؤية واستراتيجية وبرنامج عمل على المدى الطويل، وكذلك توفر الحلم في العيش المشترك و”التضامن مع الفقراء” وحب الإبداع..وهي أمور أغلبها ينقصنا اليوم، ستأتي يوما لكن شريطة الحد الأدنى من الجدية والإيمان والكثير من السخرية لمواجهة الواقع”.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى