لا زالت الصحف تتكلم عن خيبة مراكش ، منذ شهر مارس الماضي، إذ يمنع الدخول او الخروج من المدينة الحمراء بدون ورقة التنقل ، و بعد قرابة 9 أشهر عن ذلك ما زال الوضع على حاله .
بكل تأكيد هذا القرار يستثني عملياً فئة معينة من أصحاب البدل الأنيقة و السيارات الفاخرة ، بطريقة أو بأخرى و الكل يعلم ماذا يقع .. لا عن كيفية الحصول على الوثيقة و لا حتى بدونها ، فالأمر سيان .
أتساءل في هذا الباب كم كان ثمن تلك الأكذوبات ، و تلك الدعايات ، و الحملات الإعلامية من اجل إنعاش السياحة ، بداية بالإحتفال بأول طائرة سياحية تصل الى مراكش ، مرورا بحملة الطنز العكري ” انا في مراكش .. اجي” ، ثم بعض المبادرات الجمعوية التي لم تسمن و لم تغني عن جوع في ظل تعنث غير مفهوم لمن يدبر أحوال الناس في هذه المدينة .
لربما يجب التفكير في تدوين واقع مراكش في موسوعة غينيس ، كيف لا و القفل على المدينة هو الأكبر من نوعه في التاريخ و الجغرافيا ، يمتد في المساحة لعشرات الكيلومترات المربعة و في الزمن الى 9 أشهر ، و بذلك قد يكون الحصار في الحروب لربما ” ألطف” او ” أرحم” .
لست من رواد نظرية المؤامرة ، و لا من محبي التخمينات و الحسابات الفنتازية ، لكن واقع الحال بمدينة مراكش غير مفهوم و غير مبرر ، فإن كانت الحكومة المغربية تقوم بتبرير قراراتها بالنظر إلى الوضعية الوبائية ، فهذه الأخيرة مستقرة نسبياً ، و قرار الإغلاق لم يحسن الوضعية لا في ما قبل و لا في الحاضر و لا في المستقبل ، إنه قفل وهمي ليس إلا ، حجر حول السياحة و الإقتصاد، كم لو كان هناك من يريد “الخدمة” في مراكش .
أكادير ، طنجة ، فاس ، الدار البيضاء ، الرباط ، القنيطرة ، سلا ، تمارة ، وجدة ، أسفي ، الناضور … إلخ ، كلها مدن عانت الويلات من بعض القرارات الناتجة عن تفشي الجائحة ، لكن لا مدينة من هذه المدن تم إقفالها من شهر مارس بدون تقطع ، بل ان الحالات المؤكدة في بعض المدن فاقت مدينة مراكش بالكثير .
الآن و قد تكلمنا بشكل كافٍ حول موضوع إغلاق المدينة ، يجب التأكيد على أن لا أحد كان ينوي ذلك ، لو كانت الحكومة المغربية و لجنة اليقظة الإقتصادية قد عالجت الأثار السلبية للجائحة على القطاعات الحيوية في المدينة ، الصناعة التقليدية ، السياحة ، المطاعم و الحفلات ، النقل ، و الثقافة والفن …لكن الحكومة إعتبرت ان كل الخسائر التي يمكن إحصائها هي خسائر حروب لابد منها ..
و هكذا ضاعت الحقيقة و أصبحت مراكش على الهامش ، ذلك في ظل سبات من تم توكيلهم للدفاع عن المدينة و سكانها … أتحدث عن اهل الكهف .