
بقلم : نوال مشموم
في عتمة النصوص، حيث يتقاطع الضوء مع التأويل، تخرج قضية شعيب كعلامة استفهام تُنبت شجرتها في قلب القانون.
شاب لم يُقبَض عليه متلبسًا، لم يُلوّث يديه بفعل، لم يُشهر سكينًا، ولم ينطق بتهديد.
لكنه كان هناك.. في المكان الخطأ، برفقة الأسماء الخطأ، وتحت نظرة القانون التي كثيرًا ما ترى النية قبل أن ترى الجرم.
عشر سنوات، كأنها حُكم على احتمالية، لا على فعل.
كأن العدالة، في لحظة ما، قررت أن تُدافع عن المجتمع بالخوف، لا بالمعايير.
وفي جهة أخرى من هذا الوطن، كانت فتاة تخطّ ندبتها على وجه زميلتها.
بآلة حادة، وبقصد لا يخفى، حفرت الجريمة على الجلد، وكتبت الألم بخمسين غرزة.
لكن المحكمة لم تقرأ الجرح، بل قرأت أوراق السن، والنية “القاصرة”، فكانت العقوبة شهرين.. شهرين فقط لعُمر سيُقضى خلف مرايا مشروخة.
لا نقارن بين شخصين، بل بين مقياسين.
لا نستنكر حكمًا، بل نسأل:
كيف لتأويل النية أن يُفضي إلى عشر سنوات، بينما لا يُفضي الفعل الصريح إلا إلى شهرين؟
هل العدالة تراها العيون؟
أم أنها تتلمّس طريقها أحيانًا بعصا التقدير، فتضرب ذات اليمين، وتغضّ الطرف عن ذات الشمال؟
شعيب لم يُعاقب لأنه فعل، بل لأنه يمكن أن يفعل.
وسلمى لم تُنصَف لأن جُرحها كان واضحًا جدًا، لدرجة أزعجت بساطة القاعدة.
نحن لا نهاجم القانون، بل نُحادثه كعاشق غيّبته الغيرة عن الإنصاف.
نهمس له:
أعد النظر في نصوصك، لا تترك النية معلقة وحدها فوق رؤوس الناس، لا تُطلق سراح الفعل إذا حمله من تُحب.
فإن كان من روحٍ للعدالة، فهي التناسب.
وإن كان من حكمةٍ في الحُكم، فهي أن لا يُدان الظل أكثر من ملامحه.