ازداد الوضع الصحي في المغرب تأزما مثله مثل بعض الدول، وتغير المغرب في ظل فيروس كورونا، فالمدن التي كانت تضج بالحياة أصبحت مدن أشباح، والناس اختارت طوعا وكرها الالتزام ببيوتها خوفا من العدوى، على امتداد ثلاث مراحل من الحجر الصحي الذي يدخل ضمن حالة الطوارئ.
ان فيروس كورونا أظهر هشاشة القطاع التعليمي والصحي بالمغرب، فالتعليم عن بعد، فهو وسيلة تعليمية حديثة النشأة، تعتمد في مضمونها على اختلاف المكان، وبعد المسافة بين المتعلم والمدرس والفصل الدراسي، لكن طرح مشكل الهاتف والأنترنيت فالأسر المغربية متفاوتة على مستويات عدة في المدن فما بالك بالأرياف.
عادت الثقة نوعا ما بين المواطنين والدولة، حين يفرض التمديد تستوجب طرق معقلنة يحفظ حقوق المواطنين وفي نفس الوقت يراعي اقتصاد البلاد، أخذت الدولة على عاتقها تقديم العون والمساعدة ضمن صندوق مكافحة جائحة كورونا، إذ طرحت العديد من التساؤلات قبل وبعد فرض حالة الطوارئ، حول الطبقات الهشة والضعيفة، وعن كيفية تدبيرهم لهذه المرحلة التي تعتبر صعبة، فهم لا يملكون أجرة شهرية بإمكانهم شراء مستلزمات أيام فما بالك بأسبوع وأكثر تجنبا للخروج المتكرر، الذي قد يصاب من خلاله المواطن بهذا الفيروس.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من طرف السلطات الرسمية للالتزام بالحجر الصحي في المقابل هناك استهتار واضح من طرف بعض الأحياء الشعبية المكتظة، مع غياب التزام المواطنين بالحجر الصحي ووضع الكمامات.
تعددت صور ومشاهد الازدحام الشديد في الأسواق، وحتى المحلات التجارية الصغرى، كما لو أن المستهلكين لا يشترون شيئا إلا بحلول رمضان، كما أن عددا كبيرا من الساكنة تخرج لتبضع، حيث تتوفر على ورقة الخروج، وهي أكبر المسببات التي تخلق الاكتظاظ في المحلات والشوارع، في غياب تام لشروط الحماية، واجتاحتني تساؤلات عميقة حول وضع الإنسان الذي لا يملك المال والفقر والحاجة، لامست الحس التضامني العميق للمغاربة، فقد أبانوا عنه في هذه الفترة تجاه العائلات المعوزة وأولئك الذين فقدوا مصادر عيشهم بسبب الحجر الصحي.
واكتظاظ ملموس في حركات المرور بعد عودة بعض المصانع والشركات لدورة العمل، إضافة إلى الصفوف الطويلة أمام الأبناك دون أي احترام لمسافة الأمان ومن الناس لا يرتدون الكمامة، لأخذ مساعدات مالية أقرتها الحكومة المغربية.
عرفنا رجالا ونساءا جنود وفخر هذا الوطن الحبيب، وأمام مخاطر العمل قبل وفي عز جائحة فيروس كورونا يزداد ويطل عليهم فيروس كوفيد 19، ليطرح سؤال عن ماهي وسائل الحماية من فيروس كورونا في أماكن عملهم؟
وأمام المستوى النفسي في ظل هذا الوباء خلق فرصة مواتية لناشري اشاعة خصوصا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي نظرا لسهولة انتشار وتناقل الأخبار، مما يخلق عدم تصديق الجهات الرسمية والمتجلية في وزارة الصحة المغربية، ومن شأن هذه الأخبار الزائفة خلق الهلع والخوف الذين يؤثران على مناعة الأشخاص، ولهذا سارعت الدولة بإنتاج الكبسولات الشارحة لناشري الإشاعة والعقاب الذي ينتظرهم، فبرزت الصحافة بتنوعاتها للعب أدوار التنوير من خلال مقالات ترصد بشكل يومي حصيلة الفيروس بالمغرب وحتى الخارج، وأيضا فقرات حول الأمل أي بإمكان المغرب التغلب على هذا الوباء وهو دور نفسي مهم، في تقوية مناعة الإنسان.
صادف رمضان وضعا خاصا خلال هذه السنة 2020، مع جائحة فيروس كوفيد 19، حيث قبل أشهر من تزامن حالة اغلاق المساجد والأماكن المقدسة وكذا تعليق الرحلات الجوية، لقد قبل الكثيرون حقيقة أن الشهر الكريم سيتأثر بانتشار المرض الذي لا يظهر أي نية للتراجع في وقت قريب، وفي مواجهة حقيقة أن صلاة الجماعة التي تقام عادة في المساجد خلال شهر رمضان التي لن تكون ممكنة بالنسبة للدول الإسلامية هذا العام.
يأتي رمضان بصيغة وبأسلوب خاص في ظل جائحة الكورونا، لا مساجد ولا تراويح ولا صلوات التهجد، ولا أصوات القرآن في كل أرجاء المعمور، ولا جلسات الأصدقاء والأحبة، وسهرات الى آخر الليل…، ولأول رمضان لربما لن نعرف الإسراف والبذخ على موائدنا…
أظهرت هذه الجائحة الدفء الخاص للأسرة والمؤسسة التعليمية والعمل وأهميتهم في حياتنا، وإلى تجمعات الأحباب والأصدقاء، اشتقت لعملي والمتعلمين في حجرة فصلي الدراسي، إلى اجتهادهم ومثابرتهم وشغبهم وحبهم، أحن إلى أحبابي في مدينة انزكان، إلى تجمعات أصدقائي في المقهى والسفر.
أفكر كثيرا في عدة أمور، فبالإضافة إلى العمل عن بعد، أتسأل كل يوم هل تغيرت نظرتي إلى العالم وحتى تفاعلي مع الأشياء المحيطة بي، وأنظر إلى الناس الذين يخرجون دون احترام للحجر الصحي المفروض وأفكر في معنى المسؤولية.
اعلان
اعلان
اعلان