بقلم محمد أورراي
في الوقت الذي تسارع فيه الدول المتقدمة إلى إيجاد لقاح مضاد لفيروس كرونا المستجد (كوفيد 19) وتحاول ما أمكن التقليص من عدد الإصابات والوفيات في صفوف مواطنيها، حيث أظهر هذا الفيروس أن الاستثمار في العنصر البشري أعطى آكله من خلال حجم الوعي الذي أظهره مواطنو الدول التي حاصرها فيروس كرونا، وهذا ما ظهر جليا من خلال الانضباط والالتزام للتعليمات المقدمة من السلطات رغم وجود بعض الحالات الشاذة والقليلة، نجد المواطن المغربي غير مكترث لحجم الخطورة التي تحيط به جراء الانتشار السريع لهذا الوباء الفتاك. فرغم التحذيرات والبلاغات الرسمية التي أعلنت عنها المملكة المغربية، للحيلولة دون انتشار هذا الفيروس (كرونا )، إلا أن بعض فئات المجتمع لا زال وعيها مغيبا بشكل تام، وضاربة عرض الحائط كل الحملات التحسيسية التي تم وضعها سواء على مستوى القنوات الرسمية أو غيرها، حيث ظهر للجميع أن المغرب لا زال بعيدا كل البعد عن الوعي والتحضر، وهذا ما ظهر جليا من خلال بروز بعض السلوكات الشاذة التي تبين حجم الجهل والأمية التي لازالت تستشري في صفوف المجتمع المغربي. وإذا ألقينا نظرة سريعة على هاته السلوكات، فإننا نجد المجتمع المغربي ينقسم إلى عدة فئات: الفئة الأولى الواعية بخطورة الفيروس لزمت بيوتها واتبعت التعليمات، لكن هذا الوعي ذهب أدراج الرياح؛ لأنها اتخذت من وسائل التواصل وسيلة للتهكم والسخرية من هذا الفيروس: إما عن طريق فيديوهات مصورة لبعض الحالات المصابة، لخلق الرعب في صفوف المواطنين إما بوعي أو بغير وعي، لكن انخراط هذه الفئة في التحسيس والتوعية، دليلٌ على حسها بالمسؤولية. بينما الفئة الثانية من المجتمع تمثلها الطبقة الأقل تعلما، إن صح القول، فمستواها متوسط. إذ بات همها نشر كل ما له صلة بفيروس كورونا المستجد دون البحث وتقصي حقيقة ما ينشر، فشرعتْ تنظر وتفتي في كل الأشياء؛ كالكاتب الذي يكتب في كل المجالات وهو لا يكتب شيئا. كما أن هذه الفئة الأكثر عددا تسارع الزمن لنسخ كل مستجدات الفيروس، أمثال الصحفي الذي ينقل الأخبار من مجلات أخرى دون أن يكلف نفسه البحث عن الخبر من مصدره الحقيقي. في حين نجد فئة ثالثة تغزو الأمية والجهل عقولها همها الوحيد هو البحث عن الآكل والشرب و…إلخ، دون أن تكلف نفسها عبء التقيد بضوابط المجتمع وخلفياته الدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية؛ لأن هدفها ملء البطون قبل العقول. بالمقابل ظهرت على السطح فئة رابعة تابعة ومقلدة لكل ما يشاهد ويرى على القنوات العالمية، حيث شاهدنا بعضها يضع كمامات واقية دون أن يكون مصابا بفيروس كرونا المستجد، وهي فئة لا زالت تجوب أزقة المدن لا لشيء سوى إظهار أنها مشبعة بالتقليد والمحاكاة، أضف إلى ذلك أن المجتمع المغربي يضمّ فئة خامسة هي التي كانت بالأمس مصدرا للشهرة المزيفة مثل: الرقص والأغاني والتفاهة، وما أكثرهم في زماننا هذا إلا أن المقال لا يتسع لذكر أسمائهم. كل هاته الفئات الاجتماعية تظهر بالملموس أن المواطن المغربي في زمن كرونا المستجد (كوفيد 19) أظهر حجم هشاشته الفكرية والأخلاقية والقيمية، ويعزى ذلك بالدرجة الأولى لمستوى التعليم المتبع في بلادنا؛ فكل هاته الفئات هي نتاج ضعف تعليمي وأخلاقي صرف. والتمرد الذي أظهرته بعض الفئات الاجتماعية السالفة الذكر في عدم اتباع التعليمات الاحترازية المقدمة دليل قاطع على الهوة الكبيرة والشاسعة، التي تفصل المجتمع وأفراده عن الدولة والمؤسسات التابعة لها سواء كانت إعلامية أو غيرها. لهذا، فقد تكرس ذلك بشكل واضح من خلال لجوء الدولة المغربية إلى حالة الطوارئ لضمان سلامة مواطنيها قصرا وإجبارا، وليس اختيارا. لهذا يمكن القول إن كوفيد 19 عرى المغرب بكل أطيافه وفئاته، وجعل من الإنسان المغربي سيكولوجيا من أعقد الظواهر الإنسانية
اعلان
اعلان
اعلان