ربما كان من المألوف أن تنتشر الإشاعات في جميع المجالات، باعتبارها حقل للتنافس والنزاع بين العديد من القوى المتنوعة، حيث تتحول هاته الإشاعة إلى آليات من أجل تحقيق أهداف و أجندات ما، أو تلميع صورة لبعض لشخصيات، أو إعطاء المرجعية القانونية لتوجهات معينة، هي محل صراع بين أطراف المجالات سالفة الذكر، وفي هذا الاتجاه، يمكن استيعاب نشر هذه الإشاعات جد عادي.
وقد انتشرت في الأيام القليلة الماضية، إشاعة مجانية، تروج خبر تنظيم مصطفى التراب، الرئيس التنفيذي للمكتب الشريف للفوسفاط، الذي يصنف من ضمن أكثر الشخصيات الاقتصادية المؤثرة في المغرب، لحفلة أقامها وأحيتها الراقصة مايا، هذا الحدث الغير الصحيح، أثار ردود فعل جماهيرية واسعة ممتعضة ومنددة، وقد تم اختلاق الخبر بشكل مفتعل، من طرف جيوب المقاومة وأعداء النجاح.
صلة بالموضوع، هذه هي حقيقة ما جرى، منذ مساء الأحد الأخير، انتشر فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وفيه يظهر عدد من الأشخاص وهم يحتفلون على متن يخت، على أنغام موسيقى شعبية، الراقصة الملقبة بمايا، كانت المنشطة الرئيسية لهذه الحفلة، ويظهر في الفيديو نفسه شخص، روج البعض أنه منتسب للتراب، فالواقع يقول غير ذلك، فالرجل الذي يظهر في مقطع الفيديو، والذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الإشاعة الزائفة والمجانية، ليبس هو مصطفى التراب، الذي هو أكبر من هذه الخزعبلات.
الذين لا يعرفون مصطفى التراب، أو بالأحرى أعداء النجاح، فهو ينتمي لعائلة محافظة حفيد شيخ الإسلام مولاي العربي العلوي، المعروف عند كل العاملين معه بالنزاهة والاستقامة، فالمعني بالأمر مهندس ورجل أعمال، حصل على شهادة الماجستير سنة 1982 ، وعلى دكتورة الدولة في البحث العملياتي سنة 1990 ، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بمدينة كامبردج في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو حاصل أيضا على شهادة مهندس من المدرسة الوطنية للطرق والقناطر بباريس سنة 1979 ، و التحق التراب بشركة بكتل للأعمال المدنية والمعادن بين 1983 و 1985 بسان فرانسيسكو كاليفورنيا كمحلل في مجال أنظمة النقل، حيث كان هو المسؤول عن دراسات التخطيط الخاصة بمشروع بناء مطار الدمام الدولي بالمملكة العربية السعودية، وكعضو في الفريق المكلف بالدراسات الاقتصادية المتعلقة بمشروع الربط القاري عبر مضيق جبل طارق، وقد عمل كذلك منصب أستاذ مساعد وباحث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من شتنبر 1986 إلى غاية غشت 1989 ، كما شغل كمستشار بمختبر درابر (Draper) بكمبردج في ولاية ماساتشوستس من شتنبر 1989 إلى غاية يوليوز 1993 ، واشتغل في قسم علوم القرار والنظم الهندسية وقسم الهندسة المدنية والبيئية كأستاذ مساعد بمعهد رنسلير بوليتكنيك بمدينة تروي (نيويورك) (Rensselaer Polytechynic Instite.Troy)، وفي عام 1992 تم تعيين التراب مكلفا بمهمة بالديوان الملكي، وفي سنة 1995 عين كاتبا عاما بالأمانة التنفيذية القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث كان عضوا في مجموعة التفكير لدى المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني من أبريل 1996 إلى يوليوز 1999 ، وكان قد عين كذلك في يوم 09 فبراير 1998 مديرا عاما للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات قبل أن يكلف بتسيير برنامج “الإعلام من أجل التنمية”، وعمل في منصب رئيس الاختصاصيين في التنظيم بالبنك الدولي من أبريل 2005 حتى فبراير 2006 ، ومنذ هذه السنة وهو يشغل منصب المدير التنفيذي للمكتب الشريف للفوسفاط، ومن أهم الجوائز التي نالها مصطفى التراب جائزة فريدريك س.هيني وذلك سنة 1988 ، جراء مساهمته في برنامج التدريس بقسم الهندسة الكهربائية والإعلامية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وإذا كان المغرب، يتمتع بحرية التعبير على المستوى الصحافي، لنشر و تداول الأخبار والمعطيات والمعلومات، وهو ما يفقد إشاعات مزيفة كثيرة فاعليتها، فإن الخطير في الموضوع، تورط بعض وسائل الإعلام في ترديد الإشاعات وأخبار كاذبة، للتحكم في الرأي العام، وإذا كان المطلوب الأخلاقي هو التزام وانضباط هذه الأجهزة الإعلامية، لميثاق شرف المهنة، لأن دائما ما يجب العمل على بناء سمعة إستراتيجية، تلامس على أرض الواقع، إيجابيتها وسلبيتها داخل المجتمع ، حيث تدار الحروب المضلة عن طريق الإشاعات، أما الحل فهو بسيط جدا، للانتهاء من هذه الظاهرة الخطيرة، لهذا يجب علينا أن ننتقل من عالم المعلومات إلى عالم العلم والمعرفة، ورفع مستوى الوعي لدى كافة طبقات المجتمع خاصة الشباب، لأنهم هم من يهتمون بنقل المعلومة، عبر توعيتهم بالإهتمام بدقة المعلومات، ومصادرها الموثوقة.