وقع مدير اكاديمية سوس ماسة ذ. محمد جا منصوري ومديرين إقليميين (ثلثهم مكلف تحت طائلة الأعفاء من المهمة) على وثيقة التعاقد لسنة 2021، كما هو الشأن في سنة 2020. دون ذكر التفاصيل حول الأهداف وما جدوى هذا التعاقد وماذا سيحقق التعاقد في سنة 2021 وبعده.
خبر التوقيع نشرته الصفحة الرسمية للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس مسة على الفايسبوك يوم الجمعة 26 فبراير 2021 معززا بصور ، علَّق عليه متتبعون للشأن التربوي بالجهة بكونه توقيع بين “المتعاقد” و”المتعاقد معه” متسائلين عن
جدوى هذا التعاقد وماذا سيحقق في سنة 2021 وبعده، وبأية وسائل وأدوات، وأية مؤشرات ستتحقق في المنظومة التربوية أساسا التي هي الهدف الأول والأخير.
منتقدون لأداء الأكاديمية استهجنوا ما يحصل في غياهب أكاديمية سوس ماسة، التي نسبت إلى كورونا مساوءها، وصاروا يمسحون كل تعثر فيه من تأخر وتعطل وعدم إنجاز وتباطؤ،
وعلى عجل في انتظار التفاصيل قبل موعد 27 مارس 2021، يعدد متتبع هفوات تسع ستفشل وثيقة التعاقد، قبل تطبيقها وسترهن تنفيذ ميزانية 2021 للمجهول:
1- كيف بني هذا “التعاقد” وما أصله وفصله؟ هل جاء بناء على تشخيص دقيق وموضوعي وواقعي ينطلق من حاجيات أشركت فيها المؤسسة التعليمية والمديريات؟!الجواب وجدناه عند استقصائنا عند مديري المؤسسات التعليمية بقولهم الجامع الشامل: لا أحد أشركنا في حاجات وحاجيات حقيقة واقعية!
فالتعاقد الحقيقي أخلاقي قبل يكون ورقيا لأننا في مهنة التربية والتكوين. فما لم يبنى على أساس واقعي وحاجيات حقيقية معبر عنها من الفصل الدراسي سيكون مآله الفشل، وتضخيم الأرقام والعناوين البراقة، والتهافت على تقديم أرقام وعمليات لا تبقي ولا تدر وبلا أثر في موعد 27 مارس، سينمحي بعد ذلك اليوم لا محالة.
2- ما مآل وثيقة تعاقد 2020 التي لم ينفذ فيها تجاوز بنسبا تتراوح ما بين 90 و 95 في بعض المشاريع؟! ولماذا لم يكن هناك أي تتبع ولا مواكبة؟!
واليوم لم تقدم حصيلة التعاقد للسنة الماضية مادام أن السنة المالية انتهت، ولم يكشف مدير أكاديمية سوس ماسة عن أوجه الخلل والتعثر والفشل الذي من المفروض أن تكون قبل أن يتم توقيع وثيقة التعاقد لسنة 2021. وهنا يطرح السؤال المحرج، وهو:ما الهدف من نشر صور العام الماضي وجميع الفاعلين والشركاء ينتظرون ما تحقق بعد سنة؟! واليوم يتم نشر صور أخرى: هل الهدف هو التلميع والمكيجة أم تمويه الغير وإلهاء الرأي العام الذي لم ينسى ما يوقع يبلى..
3- تكرار نفس التجربة الخاطئة لسنة 2020 بنفس أخطاء العام الماضي بل بأكثر من ذلك (سيذكرها الإعلام وينشرها في وقتها). أغلاط في أخطاء. والمهم لدى مدير أكاديمية سوس مسة التوقيع على أوراق وتبيان ذلك من مظاهر “منجزات 2021” أمام الوزير في لقاء 27 مارس مع قطاعي التعليم العالي والتكوين المهني.
4- أين المحاسبة والمساءلة في وثيقة تعاقد 2020 ليتم اليوم توقيع وثيقة تعاقد 2021. ماذا تحقق منها في سنة 2020؟ ماذا تعثر منها في سنة 2020؟ من يتحمل مسؤولية عشرات الملفات التي ماتزال قابعة بين المكاتب والأقسام والمصالح جهويا وإقليميا لسنة 2019 و 2020 والتي لم يجد لها الجميع مبررا سوى التسويف والتماطل في التدبير الفوقي للتنفيذ، والإدلاء بأي رأي سديد ممنوع ويعرض صاحبه للقمع! لماذا لم يفعل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ أين تفعيل مرسوم 25 نونبر 2011؟ أين تفعيل ميثاق المسؤولية الذي وقع على أوراق بيضاء بمداد أسود مع ألوان الواجهة والصور؟!حتى يتم الانطلاق نحو تعاقد سنة أخرى من دون الوقوف على مثبطات واختلالات سابقته في الصفقات وتنفيذها واحترام آجال تنفيذ البرنامج المادي على سبيل المثال لا الحصر.
5- كيف يمكن للمديريات تنفيذ التعاقد ومحتواه بين المتعاقد والمتعاقد معه، وهي لم تشرك في بناءه وتحديد حاجياته منذ التأطير الميزانياتي في نونبر 2020 الذي انتبه إليها مهندسو الوزارة وانتقذوا مشروعه في سوس ماسة وغمزوا ولمزوا وفضحوا أيضا، وقبل المجلس الإداري وتداولوه بعده، وبين مكاتب ولاية جهة سوس ماسة، وحتى في حصيلته التي قدمت أمام الوزير بمقر الولاية في دجنبر 2020. وهذا بشهادة أهل الدار. حتى أن رؤساء المشاريع ومديرو المؤسسات التعليمية وأساتذتها يستغربون لكل الشعارات التي تشنف بها البعض في الاجتماعات الأخيرة في سباق محموم مع الزمن، من أجل تلميع الصورة “البشعة” لأكاديمية سوس ماسة بين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بالمملكة لإظهار أن “التعاقد” وقع؟؟ فيتم التبجح ب”كنا سباقين لتوقيع وثيقة التعاقد”… فماذا بعد؟!!!
6- لماذا غابت المؤشرات التربوية ولم تنل حظها وحقها ومستحقها، التي هي عين المنظومة التربوية وأساس كل تغيير. رغم أن الوزير نبه إليها في لقاءه الأخير مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين يناير الماضي بعد زيارة الكركرات. ومع الأسف صدى توجيهات الوزير لم تجد لها آذانا صاغية في سوس ماسة.
هذا وسيبين الزمن القريب حقيقة أن المؤشرات التربوية والمردودية الداخلية آخر ما يفكر فيه. مادام أن الهم الأول في سوس ماسة لا يتجاوز صرف الميزانية (خاصة الالتزام) أما الأداء والأثر في الإنجاز ونجاعته التربوية، فيترك للزمان والصدفة والصدمة كما هو حال نتائج الباكلوريا المتدنية (رتب ماقبل الأخيرة وطنيا آلمت صدمتها بالأبناء والآباء والأمهات..). ولعل تنفيذ عدد من العمليات لسنتي 2019 و 2020 ما تزال تراوح مكانها ومكانتها. واليوم يتم التهافت على إطلاق صفقات “المطعمة” (تريتورات) في صفقة إطار لثلاث سنوات مقبلة. هل هي أولوية “التعاقد” الجهوية.. من… ومن… ؟ وكيف؟.َفهل “تريتورات” المطعمة هي التي ستقلص الهدر المدرسي والتكرار والاكتظاظ في الأقسام الدراسية وستقلص مؤشرات الأقسام المشتركة(التي تركت لحالها البيداغوجي هي الأخرى من دون توفير دعامات بيداغوجية متجددة ولا برمجة ميزانية لمواءمة المنهاج الجديد في استهداف ممنهج لهيأة التفتيش التربوي التي يعود لها الفضل في انجاح محطات جوهرية، وما تبخر مشروع المراوحة والمنهاج المنقح بعد تجربة سابقة أقبرت كسائر التجارب التي يتأسف على حالها مسؤولو مديرية المناهج إلا مثال بين الأمثلة، بمن فيهم مديرها. فهل كل هذا حاضر في وثيقة التعاقد لسنة 2021 وتمت دراسته بإمعان وتمعن؟!
7-ما هي المؤشرات التي تعاقد بشأنها “المتعاقد” مع “المتعاقدين الجدد”. كيف سيتم تقليص مؤشر الهدر المدرسي مثلا في تارودانت المنكوبة في مستويات عدة وما نسبته؟! وكيف سيتم تقليص الأقسام المشتركة في اشتوكة أيت باها وبأي مستوى؟! وكيف سيتم تقليص الاكتظاظ في إنزكان أيت ملول التي تعيش في مستويات عديدة على إيقاع السكتة القلبية وبنسبة كم تلميذ في القسم؟!وكيف سيتم توسيع مؤشر نسبة التغطية بالإعدادي والثانوي في الجماعات الترابية بمديرية طاطا، وفي تارودانت، وفي اشتوكة أيت باها؟! وكم من مؤسسة للتفتح الفني والأدبي سيتم إحداثها لفائدة التلاميذ المحرومين في تيزنيت واشتوكة أيت باها وطاطا وتارودانت رغم مقرر تنظيم السنة الدراسية الجارية الذي ينص على أن تحدث مؤسسة في كل مديرية إقليمية مع مطلع شتنبر 2020. وهل.. وهل.. وهل..وكم.. وكم..؟. كل هذه الأسئلة لن تجد لها جوابا لأن الرؤية مفقودة مع الأسف، فلا دراسة واحدة أنجزت في واحدة منها جهويا، رغم أن هذا هو دور الأكاديمية بناء على القانون 07.00.
8- هل الأولويات، في وثيقة التعاقد، توفير ظروف لإيواء التلاميذ الداخليين في 46 داخلية تعاني ويعاني معها التلاميذ المكلومون أم بناء عمارة المليار بمقر الأكاديمية، التي نقترح على الوزير زيارتها يوم 27 مارس. فعمارة المليار (بناء وتجهيز) من بين المشاريع التي يتم تتبعها بانتظام وسيكون لها الأثر الكبير على تلاميذ جهة سوس مسة، ولأنها من المشاريع الملتزم بها والمتميزة لتفعيل أحكام القانون الاطار 51.17 وبشكل عرضاني مع المشاريع الثمانية عشر، ومعها إًصلاح مركز التكوين المستمر في شطره الأول ب200 مليون سنتيم (نصف كلفة بناء مقر مديرية سيدي إفني تقريبا) وجعل مطبخه (المركز الجهوي للتكوين المستمر حاليا) فريسةيلتهمه الصدأ رغم تجديد عتاده قبل مجيء المدير الحالي، وبعد أن عوضت صفقات اقتناء مواد التغذية (الأقل تكلفة ونجاعة وجودة) بصفقة وعقدة “التريتورات”، وصفقة توسيع المطعمة للسنة الثانية، حيث تشكل سوس ماسة الاستثناء في المغرب بخلاف أكاديمية الجار المهندس الألمعي الرفيع المتواصل مولاي أحمد كريمي بمراكش آسفي(رغم أن الوزير كلفه بمشروع تجويد الدعم الاجتماعي فانقض عليه الآخر)، والجار الثاني مولاي عبد العاطي الأصفر خريج السلك العالي في الإدارة الذي عرفت في عهده أكاديمية كلميم واد نون إقلاعا وقفرة نوعية في ظرف وجيز. هل بمزيد من مركزة الصفقات وضياع الأولويات.
9- هل سينجح التعاقد في وضع غير صحي وملتهب ومتذمر تعيشه الموظفات والموظفين داخل أكاديمية سوس ماسة لم تعهده من قبل في تاريخها منذ 2002. تذمر واستياء ومرارة ظروف الاشتغال، يحس بعدها “المتعاقد” لغياب خيط ناظم والتهافت فقط على إظهار “نجاح زيارة وزير أو مسؤول، كأن الأمر انتصار على شيشونغ، كما تشكو المديريات المتعاقدة معه في مشاريعها. ويجمع الجميع على أن شيئا ما يحدث في سوس ماسة، انتبهت إليه الوزارة منذ مدة (شي حاجة ماقابطاش كما قال المرحوم سي محمد الوفا). حتى أن التواصل بين الأكاديمية والمديريات يتعثر مرات ومرات بسبب كثرة المعطيات التي تطلب، وداخل الأكاديمية بين مصالح وأقسام، كل طرف يطلب معطيات سبق وأن تم طلبها، غير أن “رجع الصدى” لا يتوصلون به. وهم يتساءلون: لم يصلح جمع كل هذه المعطيات، فيم الحاجيات الحقيقية المعبر عنها لا يتم السؤال عنها إلا في ميزانية الاستثمار (البرنامج المادي بالخصوص). والدليل أكثر على ذلك هو تشكي موظفين بالمديريات من تغيير البرنامج المادي ما بين فترة انعقاد المجلس الإداري إلى ما قبل التوقيع على “التعاقد” مرات ومرات.
وفي تصريح للناشط الأمازيغي والحقوقي عمر أوزكان على ذلك، قال إن ما تبث من هفوات في وثيقة التعاقد بين المتعاقد والمدراء الأقليميين المتعاقد معهم صوريا يعكس طريقة التسيير الهاوية والارتجال وعدم الضبط، مادام أن البرنامج المادي لم يقدم مفصلا لأعضاء المجلس الإداري (لا نعلم ما السبب ولم يعثر في أية وثيقة قدمت لأعضاء المجلس الإداري على تفاصيله)، وهو ما يستوجب من المفتش العام للشؤون الإدارية الخبير الحسين قضاض فك شيفراته وتشفيراته، ويتطلب أيضا من المجلس الأعلى للحسابات التدخل لترتيب المسؤوليات، كما يستوجب أيضا من محكمة جرائم الأموال التدخل، لأنه لا يمكن أن يتم تنفيذ برنامج مادي لم يعرض على المجلس الإداري أو حتى ما عرض على المجلس الإداري في الوثائق تروج مصادر كثيرة أنه عدل من دون المصادقة عليه، وهذا ما اشتكت منه المديريات طيلة شهري يناير وفبراير 2021 لعدم الإستجابة ما أرسل إليها من اعتمادات مؤقتة لحاجياتها الحقيقية والواقعية، متسائلا هل يفتح الوزير تحقيقا معمقا ويرتب مسؤوليات كل واحد، تفعيلا للمبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة!
وأضاف ذ. عمر أوزگان في نفس السياق أن الواقع المر للمنظومة بجهة سوس ماسة يكشف أنه كيف لمن لا يفهم في المقاربة بالتدبير بالمشروع أن يخطط للمشروع الواحد، وأن يقدم تشخيصا دقيقا ويحدد حاجيات معبر عنها من واقع المؤسسة التعليمية ومشروعها (لا وهم مشروع المؤسسة المندمج الذي يروج له وغير المؤطر بأية آلية قانونية)، ثم أن ينجح التخطيط والبرمجة ويضع آليات التتبع والتنفيذ والتقييم المرحلي قبل النهائي. وهو المفقود في سوس ماسة، لأن ما يهم هو “مرور لحظة 27 مارس وتجديد التعاقد لا غير”.
وختم ذات المصدر تصريحه بقوله إن القليل من التريث، والكثيرا من عمق التحليل والفهم والاستيعاب يبرهن بما لا يدع مجالا للشك أننا بسوس ماسة في ذروة السابق لإنتاج مشروع معوج، لا يقنع حتى المقربين منه، وسيكون له أثر عكسي، وخير الأمثلة على ذلك “دراسة التعليم عن بعد” فبعد أن عُلم بأن الوزارة أطلقتها حتى سارع من يحب الركوب على الموجة إلى إطلاقها من دون أن يكون لذلك تتبع بعد انتاج الدراسة، زد على ذلك مشروع المؤسسة المندمج بعد تجريبه في أكاديميات طنجة ومراكش وفاس (ولم تعممه الوزارة بعد) فسارع البعض للترويج له خارج القانون والمساطر… وهذا يعكس التدبير بالمكيجة والتهافت الذي فطن له “خبراء ومهندسو باب الرواح”، ولأن الوضع لم يعدم يحتمل، فإن أرقام المردودية الداخلية لم تبق مجالا للتلميع والمكيجة، وأن الأصوات المتلعثمة لا يتعدى صداها خياشيم ناطقيها، رغم كل المراوغات المفضوحة والمعاناة المكلومة، التي سارت بذكرها الركبان وتألمت لحالها الإنس والجان.