
بقلم: أسماء الشتيوي
الرجاء لم يكن مجرد فريق كرة قدم، بل كان رمزًا للمقاومة، للإبداع، ولأسلوب لعب صار لاحقًا مدرسة قائمة بذاتها.
سنة 1949، شهدت بزوغ نادي الرجاء الرياضي في قلب العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ليصبح لاحقًا أحد أعظم الأندية داخل القارة السمراء.. لكن خلف هذا التأسيس تكمن قصة غنية بالتحديات والطموحات. كيف بدأ كل شيء؟ ومن هم رجال هذا الحلم؟
_____
البداية من رحم المقاومة
خلال فترة الاستعمار الفرنسي، كانت الأندية الوطنية المغربية تُدار في الغالب من طرف الفرنسيين، مما جعل تأسيس نادٍ من قبل المغاربة أمرًا نادرًا, لكن مجموعة من الوطنيين قرروا كسر هذه القاعدة وإنشاء فريق يمثل الشعب المغربي.
اجتمع المؤسسون في مقهى بويا صالح بدرب السلطان، وطرحوا عدة أسماء قبل أن يقع الاختيار على “الرجاء الرياضي”، ليعكس الأمل والتحدي, وفي تصريح سابق لعبد السلام حنات، أحد رجالات الرجاء، قال إن الفريق كان يحمل اسم “الوطن” قبل أن يتم تغييره إلى الرجاء، وهو ما أكده الرئيس السابق رشيد الأندلسي في أحد تصريحاته.
⸻
الرئيس الأول وألوان النادي
عُين حجي بن أبادجي كأول رئيس رسمي للرجاء الرياضي، فيما كان الحاج محمد بن الحسن التونسي العفاني، المعروف بـالأب جيكو، أحد المؤسسين وأبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل هوية النادي.. أما الألوان، فقد تم اعتماد الأخضر رمزًا للأمل، مع لمسة بيضاء تعكس الصفاء والنقاء.
⸻
أول الألقاب والتحديات الأولى
حصل الرجاء على رخصة اللعب في الدوري المغربي سنة 1951، وبعد استقلال المغرب سنة 1956، شارك في أول بطولة وطنية رسمية, أما أول بطولة دوري حققها الرجاء فكانت في ثمانينيات القرن الماضي، بعد مسار قوي تميز بالمنافسة الشديدة مع غريمه التقليدي الوداد, كما أن أول كأس عرش كان سنة 1974.
أما أول لقب قاري فكان دوري أبطال إفريقيا 1989، بعد الفوز على مولودية وهران الجزائري في النهائي، ليصبح أول نادٍ مغربي يحقق اللقب القاري الأغلى.
⸻
انتكاس وانتعاش
بين 2007 و2024، عاش الرجاء فترات بين انتكاس وانتعاش، وبين الأزمة والرخاء, عانى النسر الأخضر من مشاكل مالية وإدارية، وشهد تغييرات كثيرة على مستوى رئاسة النادي، الطاقم التقني واللاعبين، ما جعله يمر ببعض المواسم دون تحقيق ألقاب, كما توّج بأخرى عن جدارة واستحقاق، آخرها كانت الثنائية المرصعة بالذهب والمرشوشة بالفضة، البطولة الـ13 دون سقوط أو انهزام، وبكأس العرش التاسعة أنهى النسور موسماً تاريخياً، وبدأ آخر غير مستقر ولا متوازن.
⸻
حكاية لم تنتهِ بعد
اليوم، وبعد 76 عامًا على تأسيسه، أصبح الرجاء مدرسة كروية ومؤسسة عريقة تحمل إرثا عظيمًا. ربما تغيرت الأسماء، وتبدلت الأجيال، لكن القصة لم تنتهِ بعد. روح الرجاء، التي انطلقت من درب السلطان عام 1949، لا تزال حية ومتجددة. فهل يحمل الجيل الحالي المشعل بنفس العزيمة؟
شيء واحد محسوم ومفروغ منه هو أن الرجاء حكاية لم تنتهِ بعد ولن تنتهي قط. ولن يكفينا مجلد كامل لذكر كل أحداث وإنجازات نادٍ تحول من حلم بمقهى صغير إلى فريق الشعب. فالرجاء إرث لا يُمحى ومجد لا يشيخ.
ذكرى ميلاد سعيدة لكل رجاويي هذا العالم.