دق تقرير صادر عن مؤسسة “مشروع بريتون وودز”، بعنوان “صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي: بين موازنة الديْن والخوصصة وديناميات الاستعمار الجديد” (Morocco and IMF Resilience and Sustainability Trust: Balancing debt, privatisation and neocolonial dynamics)،ناقوس خطر “تحذير” صريح من “استغلال محتمَل لموارد الطاقة المتجددة وإمكانياتها بالمغرب لصالح استراتيجية التحول الطاقي للاتحاد الأوروبي”.
وذلك بعدما ذكر التقرير ضمن أبرز خلاصاته بـ”حصول المغرب، في شهر أكتوبر 2023، على قرضٍ بقيمة 1,32 مليار دولار من صندوق الصمود والاستدامة، مع مراعاة “الشروط الخضراء” ورهنا بها، قد تؤدي «الظروف/الشروط الخضراء ‘Green conditions’» لـ”صندوق المرونة والاستدامة” إلى “اندفاع مهم في إنتاج الهيدروجين بقيادة أوروبا في البلاد (أي المغرب)، على حساب قضايا المناخ الوطني وأهداف التنمية”.
وأفاد التقرير، أن “عملية التحول المتسارِع نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر بالمغرب، الذي يقتضيه مشروع ‘صندوق المرونة والاستدامة’ (RST) التابع لصندوق النقد الدولي، قد تلبي الأهداف الأوروبية التي وضعتها المفوضية الأوروبية في التحول الطاقي ما بين 2020 و2050، على حساب الأهداف الوطنية للبيئة والتنمية بالمغرب”؛ وهو ما يشكل تحذيرا من “استغلال موارد الطاقة المتجددة للبلاد لصالح استراتيجية التحول الطاقي للاتحاد الأوروبي”.
و كشف التقرير تدشينَ المغربِ سلسلة من الإصلاحات ومباشرة عدد من الخطوات في إطار المشروع الذي استفاد بموجِبِه من قرض يناهز 13.3 مليارات درهم (1,32 مليار دولار)، مسجلا أنه “يركز على إصلاح سوق إنتاج وتوزيع الكهرباء بالمغرب، من خلال تفكيك ”المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب” ONEE، المملوك من طرف الدولة (القطاع العمومي). والهدف، حسب الصندوق، يتمثل في خلق سوق تنافسي أكبر من خلال الفصل بين عمليات التوليد والنقل والتوزيع؛ ما سيسمح بمنافسة أكبر، ويعزز الاستثمار في الطاقة المتجددة، ويؤدي في النهاية إلى انخفاض أسعار الكهرباء”.
وتعتبر هذه هي “الركيزة الثانية فقط مما يَفرضه برنامج الاستدامة والمرونة الخاص بالمغرب والذي حَدد 16 إصلاحا عبر 6 ركائز”، أورد التقرير، لافتا إلى أن “إدماج القطاعين العام والخاص سيكون على حساب المواطنين، حيث ترتبط استراتيجية المشروع أساسا بعدد من الإصلاحات الضريبية”. هذا سيؤدي، حسب المصدر نفسه، إلى “تحمل المواطنين تكاليف إضافية عن المشاريع المناخية التي شرعت فيها الدولة من أجل تحقيق مكاسب لصالح القطاع الخاص”.
وأبرز المصدر ذاته أن “التركيز مُنصَب على استغلال موارد الطاقة المتجددة بالمغرب من قبل الدول الأوروبية”؛ ضاربا المثال في هذا السياق بالمشروع الضخم “XLinks” البريطاني الهادف إلى توفير 8 في المائة من احتياجات الكهرباء ملايين الأسر في بريطانيا في أفق 2030، عبر أطول كابل بحري في العالم.
و استدل التقرير إضافة إلى المشروع المذكور ، بمشروع فرنسي يغطي أكثر من 170 ألف هكتار بقيمة 104 مليارات درهم (9.4 مليارات يورو)، لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء انطلاقا من محطات إنتاج فوق التراب المغربي.وتتوافق هذه الإصلاحات ”، وفق تقرير “مشروع بريتون وودز”، مع “المذكرة التوجيهية التشغيلية الصادرة عن فريق الدعم الإقليمي؛ بما في ذلك استخدام الشراكات بين القطاعيْن العام والخاص ذات الصلة بالمناخ”.
كما نبه إلى أن “هذا النهج يثير مخاوف؛ لأن تفكيك الشركات المملوكة للدولة يمكن أن يتعارض مع أهداف المناخ، مما يقوض مبادئ الانتقال العادلة…”، وفق تعبيره.
وحسب التقرير المنشور على موقع المنظمة، فإن “استراتيجية الاتحاد الأوروبي كان لها دور في تشكيل الإصلاحات المتعلقة بالمغرب التي أقرها المشروع، من خلال عمليات مواءمة وملاءمة مع تقرير البنك الدولي للمناخ والتنمية لسنة 2020 المتعلق بالمغرب”، بعدما كان قد شدد على تسهيل ولوج المستثمرين الأوروبيين إلى سوق قطاع الطاقة المتجددة بالمغرب، للاستثمار فيها.
واستشهد التقرير بتأكيد كنجي أوكامورا، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، في ختام مناقشة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي حول برنامج “RST” المغربي في شتنبر 2023، على أن «المغرب في وضع جيد لجَنْي فوائد أجندة إزالة الكربون العالمية»؛ لكن من سيستفيد حقا من هذه الأجندة؟”.
قد تساعد الإصلاحات في تكريس “اندفاع الهيدروجين ضمن الخطط الطاقية بالمغرب، مدفوعة باهتمام الاتحاد الأوروبي كما هو موضح في استراتيجية الهيدروجين لمفوضية الاتحاد الأوروبي لعام 2020”.
يأتي هذا الاستنتاج وسط تحذيرات من مراكز أبحاث أوروبية تفيد بأن الضغط «من أجل الهيدروجين الأخضر قد يخدم انتقال الطاقة في أوروبا؛ ولكن في شمال إفريقيا قد يضر بها جاعلا منها مناطق تضحية»، وفق ما ذكره التقرير.على ثلاث مراحل بدءا من سنة 2022 وبحلول 2050، وضعت المفوضية الأوروبية استراتيجيتها حول الهيدروجين في عام 2020، والتي تهدف إلى “التوسـع في إنتاج الهيدروجين الأخضـر مع خلق سـوق تجاري له في أوروبا”.