خولة السهلاوي
أُعلِن عن لائحة الفائزون ب“جائزة محمد زفزاف للقراءة”، في دورتها الأولى ، والحاصلون على تنويه من لجنة تحكيمها في أصناف تقديم الأعمال الأدبية للراحل زفزاف كتابة، وصوتا، وتسجيلا مصورا.
و توّجت لجنة تحكيم الجائزة التي تشرف عليها شبكة القراءة بالمغرب، والمديرية الجهوية للثقافة بجهة الدار البيضاء سطات، ومكتبة القراءة للجميع، كلا من يوسف كطابي من القنيطرة، في صنف أحسن نص يقدّم كتابا لمحمد زفزاف، وأوشن حمزة، من فم الحصن، طاطا، في صنف أحسن فيديو يقدّم عملا لزفزاف، ولبنى عبد اللوي من تاونات، في صنف أحسن قراءة صوتية لإحدى نصوص الأديب ذاته.
ونوّهت لجنة تحكيم الجائزة بخوان انفرونس من الدار البيضاء، في صنف أحسن نص لتقديم كتاب لمحمد زفزاف، وكوثر عمراني، من الرباط، في صنف أحسن فيديو يقدّم كتابا لمحمد زفزاف، وياسين الحراق من طنجة، في صنف أحسن قراءة صوتية لإحدى نصوص محمد زفزاف.
وأفاد تقرير الدورة الأولى من الجائزة أنها توصلت بـ 130 مشاركة، فصلت فيها لجنة تحكيم ترأسها الناقد سعيد الفلاق، وضمت كلا من الإعلامية غادة الصنهاجي والكاتبة فاطمة ياسين ومفتشة اللغة العربية سابقا نجية مختاري.
بورتري عن الأديب الراحل محمد زفزاف
يدخل الأديب الراحل محمد زفزاف ضمن لائحة كبار الروائين المغاربة، إذ سجل حضورا مميزا في المشهد الأدبي المغربي والعربي، وعرف بشاعر الرواية المغربية ولقب بالكاتب الكبير.
و بصم الزفزاف إسمه ضمن أسماء أكثر الأدباء المغاربة قراءة في العالم العربي، وقد ترجمت مجموعة من أعماله إلى لغات أجنبية.
صرخ الأديب المغربي أول صرخاته عام 1945 في مدينة “سوق أربعاء الغرب” بالمغرب،وبعد وفاة والده، و هو برعم صغير في الخامسة من عمره ، عاش الزفزاف طفولة صعبة ، يتيم فقير ، الشيء الذي جعل منه شخصا يحس بالفقراء و البسطاء و بقيت علاقته وطيدة معهم ،و لم ينسى يوما طفولته.
شق محمد مساره الدراسي ، من مدينة ولادته، “مسقط رأسه” ، لينهي دراسته الجامعية في شعبة الفلسفة.
و بعد تخرجه اشتغل في قطاع التعليم، فعمل أستاذا في مدرسة إعدادية بمدينة القنيطرة، تولى بعدها أمانة مكتبة تلك الإعدادية.
وانتقل فيما بعد للتدريس في مدينة الدار البيضاء، ثم تفرغ للكتابة، وانضم إلى اتحاد كتاب المغرب في يوليو/1968.
ليلقب بعدها بـ”شاعر الرواية المغربية”، بعد أن بدأ مساره الأدبي الإبداعي كشاعرا في بداية الستينيات، واتجه بعدها للقصة والرواية.
لم ينسى يوما الأديب المغربي طفولته و مدينته ، فهي كانت تستحضر نفسها دائما في اختاره لمواضيع كتاباته ، إذ كان يروي عطش قلمه من حركية الواقع الاجتماعي بكل تناقضاته، ليكتب عن حياة المقهورين والمنبوذين المهمشين في الشوارع، وعن الطبقة البرجوازية التي تستغل بؤس الفقراء والعمال.
لطالما تميز زفزاف بلغة تعبير شاعرية سلسة، فيها دفء إنساني، فهو الكاتب الإجتماعي الذي غاص في أعماق المجتمع وعاش واقع القهر والحرمان الاجتماعي، وعبر عنه بوضوح وصدق ومهارة أدبية لافتة، ودعا لمجتمع تسوده الأخلاق الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
ولم يكتب يوما”شاعر الرواية المغربية”، سيرة ذاتية ،لكنه بثها في جميع رواياته،
تميز بنسجه المحكم إذ أخفى صوت الراوي وأدمجه في ثنايا نصوصه بحيث يصعب التمييز بين صوت السارد وصوت المؤلف.
سيرورة أعماله لم تتوقف قط يوم، فكل منها تبعت خطوة من خطاه ،لتدرس البعض منها في الجامعات الأوروبية والأميركية، مثل رواية “المرأة والوردة”، فيما انتقيت بعض قصصه ضمن المختارات القصصية العالمية.
ومع بداية الستينيات، بدأ الزفزاف التأليف ،ونُشر عدد من إبداعاته ومقالاته في أمهات المجلات العربية المعروفة، مثل “المعرفة” السورية، و”الآداب” اللبنانية، و”الأقلام” العراقية وغيرها.
بين القصة والرواية،سبح كاتبا، ما يزيد على عشرين عملا
وتُرجم من أعماله: “المرأة والوردة” و”بيضة الديك” و”الثعلب الذي يظهر ويختفي” و”الديدان التي تنحني” و”حوار ليل متأخر” و”بائعة الورد” و”محاولة عيش” و”أرصفة وجدران” و”أفواه واسعة”.
حظيت أعماله باهتمام الطلبة والباحثين، وأنجزت حولها رسائل جامعية وأبحاث أكاديمية، منها أطروحة جامعية للباحث الإسباني راموس، الأستاذ في جامعة إشبيلية.
لم يحصل صاحب المرأة والوردة”، على أية جائزة أدبية في بلاده، لكنه كُرِّم بطريقة أخرى بتخصيص جائزة أدبية باسمه (قيمتها عشرة آلاف دولار) تسلم كل ثلاث سنوات في مهرجان أصيلة الثقافي الدولي بالمغرب، حصل عليها الروائي السوداني الطيب صالح عام 2002 والروائية الفلسطينية سحر خليفة عام 2013.
و بعد كل حياة يأتي الموت ، ليفارق محمد زفزاف الحياة بعد طول معاناة مع المرض يوم 13 يوليو 2001، في مدينة الدار البيضاء.