اعلان
اعلان
رياضة

الرجاء الرياضي على أبواب انتخابات جديدة: ديمقراطية ظاهرية ومحيط ينهش الجسد الأخضر

اعلان
اعلان

اسامة ضريف

يستعد نادي الرجاء الرياضي، أحد أعرق الأندية المغربية والإفريقية، لخوض محطة انتخابية جديدة لاختيار رئيس يقود الفريق خلال المرحلة المقبلة. مشهد يبدو في ظاهره ديمقراطيًا ونزيهًا، يُعبّر عن انخراط النادي في آليات التداول السلمي على القيادة، وهي خطوة تستحق الإشادة في زمن أصبحت فيه بعض الأندية رهينة لأسماء بعينها.

اعلان

غير أن ما يُؤسَف له، هو أن الرؤساء المتعاقبين على الرجاء نادرًا ما يُتمّون ولايتهم القانونية. يتوالى تغيير الوجوه من مؤتمر إلى آخر، وتُطوى الصفحات قبل أن يُكتب مشروعٌ واحدٌ للنهاية. وهنا يُطرح السؤال الجوهري: هل الديمقراطية في الرياضة تقتصر على صناديق الاقتراع؟ وهل التداول على الكراسي، في غياب الاستقرار والبناء المؤسساتي، يمكن اعتباره مكسبًا؟

الحقيقة أن عمق الأزمة لا يكمن في الأشخاص، بل في محيط الرجاء الذي يعيش على حساب النادي، ويُحكم الطوق على القرار، ويُفرمل كل محاولة للإصلاح الجذري. محيطٌ تغذيه الولاءات، والمصالح الضيقة، والصراعات الخفية، حتى أصبح النادي يُدار من خارج أسواره، برؤى متضاربة ومتناقضة، لا يجمعها سوى هدف واحد: تعطيل المسار.

وما يزيد الطين بلة، أن نموذج التسيير المعتمد على نظام الجمعيات لم يعد صالحًا لمواكبة تطورات الرياضة الحديثة، ولا لحجم الانتظارات المالية والإدارية التي يفرضها واقع الكرة المعاصرة. فقد وُلد هذا النموذج في زمن كانت فيه الرياضة مجرد نشاط هواة، أما اليوم، فالرياضة أصبحت صناعة واستثمارًا ومجالًا يتطلب الكفاءة والمهنية وحوكمة حقيقية.

اعلان

ولهذا، يُعد ورش تحويل الرجاء إلى شركة رياضية هو السبيل الأمثل للخروج من دوامة التسيير العشوائي. فالنموذج الجمعوي، بما يحمله من ضعف في آليات الرقابة والمحاسبة، وغياب للمسؤولية القانونية الحقيقية، هو السبب المباشر في تكرار كلمة “الأزمة” في كل موسم، وفي كل إدارة جديدة. أما الشركة، فتعني وضوح المسؤوليات، وتحديد الصلاحيات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وخلق بيئة تحتكم إلى المنطق الاقتصادي لا إلى المزاج الشخصي.

الشركة ليست فقط هيكلًا قانونيًا جديدًا، بل فلسفة متكاملة في التدبير. تعني الابتعاد عن الصراعات العبثية، والتحكمات الفوقية، وتفكيك شبكات “المحيط” التي استوطنت داخل الرجاء لسنوات، وأصبحت تُهدد كيان الفريق أكثر مما تخدمه. كما تُمكّن من استقطاب مستثمرين، وتفعيل موارد ذاتية، والانفتاح على سوق عالمي يُؤمن الاستدامة، بدل انتظار المنح أو التبرعات الظرفية.

لقد آن الأوان ليمتلك الرجاويون شجاعة الاعتراف بأن الرجاء لا يمكن أن تستمر بأساليب الأمس. أن ننتخب رئيسًا جديدًا هو أمر جيد، لكن الأجدر أن نمنحه بيئة سليمة، ونموذجًا متطورًا في التسيير، وشبكة حماية قانونية تُعينه على تنفيذ رؤيته، لا أن نُعدّ العدة لإسقاطه بعد أشهر من انتخابه.

إنها لحظة مفصلية في تاريخ النادي، وعلى مكونات الرجاء—من منخرطين، وجماهير، وفاعلين—تحمل مسؤولياتها الكاملة، والخروج من منطق “التكرار الممل للأزمات”، إلى أفق جديد عنوانه الاستقرار، الشفافية، والاحتراف الحقيقي.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى