اعلان
اعلان
مجتمع

التحرش الجنسي في العمل… مجرد ظاهرة أم نوع آخر من العنف القائم على النوع الإجتماعي

اعلان

لقد عرفت منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف و التحرش في العمل لسنة 2019 التحرش بأنه ” مجموعة السلوكات و الممارسات الغير مقبولة أو التهديدات المرتبطة بها ، سواء حدثت لمرة واحدة أو تكررت، و هي التي تهدف أو تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي…،
لكن ما يمكن قوله هنا و بدون أدنى تردد ، أن التحرش الجنسي خصوصا في الأماكن المخصصة للعمل يعد من أقسى و أخطر أنواع التحرش، لأنه غالبا ما يكرس من كل أشكال الضغط و الملاحقة المتكررة و المستمرة إلى حد كتم أنفاس الضحية من قبل رئيسها أو مديرها في العمل ، طبعا فالرؤساء أو المدراء أو أي كان، غالبا ما يستغلون مناصبهم و إمتلاكهم لتلك السلطة القذرة التي تخول لهم ممارسة الضغط و التهديد بكل أنواعه ، سواء التهديد بعدم إمكانية الإستمرار في العمل إذا لم يتم الخضوع لرغباتهم الرخيصة ، أو التهديد الذي قد يصل إلى مرحلة التشهير و هتك العرض، خاصة و أنهم على علم تام بأن أكثر ما يرعب المرأة و يمنعها من التبليغ عن حدوث تلك الوقائع و إن صح القول ” الجرائم” هو خوفها من الفضيحة و نظرة المجتمع الدونية لها و تشويه صمعتها و إلحاق العار بها و بعائلتها كما هو معتقد ، هذا عدا عن خوفها من فقدان عملها خاصة إذا كانت تعاني من وضعية مادية هزيلة ،فالمتحرش حتما سيستغل هذه النقطة لصالحه ، و هنا سيظهر بشكل جلي و واضح أن من أهم أسباب تأجج ظاهرة التحرش الجنسي هي سلطة إتخاذ القرار و التي غالبا ما تكون في يد الرئيس و الذي بدوره غالبا ما يكون من صنف الرجال، فيستغل سلطته تلك أشد أنواع الإستغلال لإخضاع المرأة ( المرؤوسة ) و جعلها دائما تحت تبعيته ، الشيئ الذي يفسح له المجال في التمادي أكثر و التفنن في ممارساته الشاذة سواء بشكل مباشر ( ممارسة الإعتداء الجسدي ) أو بشكل غير مباشر ( الإحتكاكات و التلميحات الجنسية) .
لكن السؤال الذي يبقى مطروح هل كل المسؤولية تقع على عاتق المتحرش وحده، أم تقع كذلك على مؤسسات العمل نفسها و التي تمهد الظروف و الإمكانيات لوقوع حالات تحرش داخل مقر العمل ، فعدم وجود إجراءات محاسبة و قوانين رادعة يسهل على المتحرش القيام بفعلته في بيئة تضطر فيها الضحية إلى إلتزام الصمت و التنازل خوفا من نظرة المجتمع الذكوري لها و الذي سيوجه أصابع الإتهام عليها وحدها ، أما المجرم الحقيقي فلا حرج عليه فهو “رجل” و كل ما يقوم به مبرر و سيتم تبريره دائما تحت ذريعة شهواته ، رغباته و نزواته التي لم يكتب لها أن تنتهي بعد و كأنها شماعة تعلق عليها كل أخطائه و أمراضه النفسية و سلوكاته الشاذة .
و بالتالي فإن مؤسسات العمل مسؤولة إلى حد كبير عن حماية موظفاتها من كل انواع التحرش ( المادي و المعنوي ) ، فالجو العام داخل المؤسسة و درجة التساهل فيها تشكل مقياسا هاما لوجود أو غياب التحرش الجنسي، كما أنها تحدد مدى درجة الخطورة التي قد تتعرض لها الضحية ، و الأهم من كل ذلك مدى إستيعاب و إدراك هذه الأخيرة لخطورة الوضع و حرصها على عدم السقوط في فخ تلك الملاحقات و المطاردات الجنسية البائسة ، و أن تؤمن بأن هناك عدالة حقيقية تأخذ لها حقها إن لم تستطع أخذه بنفسها ، و لكن أضعف الإيمان أن تكسر حاجز الصمت و تصرخ بأعلى صوتها وتقول كفى ،لأنه بالفعل قد حان الوقت لتقول كل نساء العالم ضحايا التحرش الجنسي كفى .

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى