
في خضم التوترات السياسية التي تشهدها الساحة البرلمانية المغربية، عادت المعارضة لتثير الجدل خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حيث أبدت استياءها مما اعتبرته “تجاهلاً” لمطالبها و”تفضيلاً” لطلبات الأغلبية. وقد شهد الاجتماع العديد من التفاعلات الحادة بين مختلف الأطراف، حيث تم التأكيد على أهمية دور المعارضة في تحقيق التوازن داخل المؤسسات التشريعية، وهو ما يعكس الصراع المستمر على السلطة وتأثيره على سير عمل البرلمان.
وفي هذا السياق أصرّ رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، على “نسف الاجتماع”، قائلاً إن “منصة تيك توك أصبحت تقوم بأدوار المؤسسة التشريعية”، مستغرباً “إقصاء المعارضة لصالح آراء الأغلبية”. وأكد أن المعارضة طلبت تأجيل الاجتماع الأسبوع الماضي، لكن طلبات الأغلبية تمت الاستجابة لها بسرعة، مما وصفه “بخرق للنظام الداخلي”. وأضاف: “لن ينعقد هذا الاجتماع في هذه الظروف، نحن لا نقوم بأدوارنا”.
وأشار حموني إلى أن اللجنة لم تعقد اجتماعاً منذ مناقشة قانون المالية، وعبر عن استيائه من استفسار اللجنة عن رغبة المعارضة في التمسك بالطلبات، في حين أن الحكومة تتجاهل الحضور. واعتبر ذلك ضرباً للعمل البرلماني الداخلي والدستور، مشيراً إلى أن البرلمان أصبح يعمل لصالح الأغلبية والحكومة فقط، وهو ما يجب أن يتوقف.
من جانبه، حاول محمد شوكي، رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، تهدئة الموقف، داعياً حموني إلى مراجعة موقفه. بينما أوضحت زينة شهين، رئيسة اللجنة، أن اللجنة فوضت الرئيسة في التعامل مع الطلبات، وأنه تم مراسلة الأطراف المعنية بخصوص الموضوعات المتقادمة، مؤكدة أن بعض الملفات قد لا تجد الردود المناسبة بسبب أجندة الوزراء.
ومن جهته عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أكد أنه “لا يمكن أن تنعقد اللجنة وفق الشروط الحالية”، معبراً عن استغرابه من “التعامل الانتقائي مع طلبات الأغلبية”. وأضاف بوانو متسائلاً: “هل هناك هدف سياسي أو انتخابي وراء هذا؟ سمعنا فقط عن طلب الأغلبية حول الموضوع، رغم أننا قدمنا المقترح. فمن الغريب أن الموضوع انتقل من لجنة القطاعات الاجتماعية إلى هذه اللجنة بطلب من الأغلبية، وهذا يعد مساساً بالمؤسسة التشريعية، وبالتالي لا يمكن أن ينعقد الاجتماع اليوم”.
في المقابل، دافع نور الدين مضيان، الرئيس السابق للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عن “المؤسسة التشريعية”، مستغرباً من عدم تجاوب اللجنة مع 120 طلباً للمعارضة. واعتبر أن “الحكومة ملزمة بالحضور، إذ ينص الدستور على التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية”، مشيراً إلى أن “بقية اللجان تعمل بشكل طبيعي مع الوزراء، بل بعضها ينظم اجتماعات أسبوعية”. وأكد مضيان أن “مراقبة الحكومة من اختصاص النواب، وأي تقصير في هذا المجال يضعف حصيلة العمل البرلماني في نهاية الولاية”. وأوضح أن “الحكومة يجب أن تحضر، ورغم وجود بعض الإكراهات، يجب تجاوز هذا الخلل بسرعة لضمان استمرار دور المؤسسة التشريعية”. في نهاية الاجتماع، تقرر رفع الجلسة وعقد اجتماع آخر للجنة المعنية.