
منبر24-صوفية مستميع
في السنوات الأخيرة، أصبح التداول (Trading) في الأسواق المالية من بين أكثر المواضيع التي تجذب الانتباه على منصات التواصل الاجتماعي. وأدى الانفتاح الكبير على المعلومات وتسهيلات منصات التداول عبر الإنترنت إلى ظهور موجة من المشاهير الذين يروجون لأنفسهم كخبراء في مجال التداول، مما دفع العديد من الأشخاص إلى الإيمان بأنهم يمكنهم تحقيق أرباح سريعة وسهلة. لكن ما يثير القلق هو أن العديد من هؤلاء المشاهير يستغلون منصاتهم ويشجعون متابعيهم على الانضمام إلى مجموعاتهم الخاصة على تطبيق تلغرام أو شراء “دورات تدريبية” وهمية، مما يعرضهم في النهاية لعمليات نصب واحتيال.
على الرغم من أن التداول في الأسواق المالية يمكن أن يكون وسيلة مشروعة لتحقيق الأرباح إذا تم بشكل مدروس ومسؤول، إلا أن هذه العمليات تكتسب سمعة سيئة بسبب انتشار الاحتيال في ظل وجود أشخاص مستعدين لاستغلال الجهل والخوف في الأسواق لتحقيق مكاسب غير مشروعة. ومع تزايد أعداد المشاهير الذين يظهرون في مقاطع الفيديو والدروس التثقيفية على منصات مثل إنستغرام و تيك توك، أصبح من السهل جذب آلاف المتابعين، خاصة إذا كان المحتوى يروج لتحقيق أرباح سريعة.
الكثير من هؤلاء المشاهير يعدون متابعيهم بعوائد ضخمة مقابل الانضمام إلى مجموعاتهم الخاصة. في الواقع، هم غالبًا ما يستخدمون هذه المجموعات كأداة لزيادة نفوذهم وجني الأموال على حساب متابعيهم. ويروجون لبرامج تعليمية أو إشارات تداول مقابل رسوم مالية، ويشجعون المشاركين على اتباع نصائحهم الاستثمارية على أمل تحقيق أرباح غير واقعية. ومع مرور الوقت، ينكشف الخداع عندما يبدأ المتابعون في ملاحظة خسائرهم المتزايدة أو عندما يتعذر عليهم الحصول على الدعم الذي تم وعدهم به.
التداول ليس مسألة سهلة يحتاج الشخص إلى المعرفة العميقة والتحليل الدقيق قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية، وهذا يتطلب وقتًا طويلًا من التعلم والتدريب، وهو أمر لا يمكن تعلمه ببساطة من خلال الالتحاق بمجموعة على تلغرام أو متابعة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي كثير من الأحيان، يتم إخفاء المخاطر الحقيقية للتداول في تلك المجموعات، حيث يتم تصويرها وكأنها مجرد فرصة لتحقيق أرباح فورية وسهلة، وهو ما يتسبب في دفع الناس إلى المجازفة بأموالهم دون فهم كامل للمخاطر المترتبة على هذه الأنشطة.
تبدأ العمليات الاحتيالية عندما يشارك الشخص في أحد هذه المجموعات أو يشتري الدورات التدريبية المزيفة، وعادة ما يتعرض للخداع بإعلانات عن إشارات تداول “مربحة” أو “مضمونة”، والتي تكون في الواقع نصائح عامة لا أساس لها من الصحة. وعندما يبدأ الأفراد في فقدان الأموال أو لا يستطيعون الوصول إلى الدعم الذي تم وعدهم به، يصبحون ضحايا لعملية احتيال.
لكن المشكلة الأكبر هي الثقة المفرطة التي يضعها الأفراد في هؤلاء المشاهير، الذين يمتلكون قاعدة ضخمة من المتابعين المخلصين الذين يصدقون كل ما يقال لهم. هذه الثقة تكون محط استغلال للمحتالين الذين يستغلون الجماهير لتحقيق أهدافهم الشخصية، متجاهلين تمامًا تأثير خسائر الناس في حياتهم المالية والنفسية.
وفي النهاية، تتزايد الدعوات إلى توعية الناس حول المخاطر التي قد يتعرضون لها في مثل هذه المجموعات، وأهمية التأكد من صحة النصائح المقدمة قبل اتخاذ أي قرار مالي. ومن الضروري أن يدرك الأفراد أن التداول، سواء في الأسهم أو العملات أو غيرها من الأدوات المالية، هو مجال يتطلب فهماً دقيقاً، وحذرًا شديدًا، وأن المكاسب الكبيرة لا تأتي بسهولة.
الحل الوحيد للخروج من هذه الدوامة هو التوعية المجتمعية، وتوجيه المتابعين إلى أسس التداول السليم، مع تعزيز ثقافة الاستقلالية المالية. ويجب أن يعلم الجميع أن الربح السريع لا يعني النجاح المستدام، وأن أموالهم بحاجة إلى حماية، وليس إلى التهور وراء إعلانات براقة على وسائل التواصل الاجتماعي.