اعلان
اعلان
سياسة

التقييم البرلماني للسياسات العمومية في المغرب بين التحديات والإصلاحات المقترحة

اعلان
اعلان

في كتابه الجديد الذي يعرض مقارنة بين التجربة المغربية ونظيراتها الأجنبية في مأسسة تقييم السياسات العمومية، أشار عبد الرحيم بوزياني، أستاذ باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة، إلى أن المغرب قد حقق تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. فحسب المؤلف، حصلت المملكة على 0.88 في مؤشر المأسسة القانونية للتقييم، وهو نفس المستوى الذي سجلته دول مثل سويسرا والسويد، ما يعكس التقدم الذي أحرزته البلاد مقارنة بدول أخرى.

اعلان

ووفقًا للكتاب، فإن دستور 2011 كان له دور محوري في تأسيس الإطار القانوني للتقييم البرلماني للسياسات العمومية، حيث شكل المقتضى الدستوري الأساس الذي ينظم هذه العملية. كما أضاف القانون التنظيمي للمالية 130.13 مساهمة كبيرة في ترسيخ هذا التقييم، في حين حدّد النظام الداخلي للبرلمان القواعد الإجرائية المتعلقة بتقييم السياسات العمومية، بما في ذلك تحديد الأهداف، وكيفية اختيار المواضيع، وتشكيل اللجان المختصة، وإعداد التقارير المتعلقة بالتقييم.

ورغم هذه الإنجازات، نبه بوزياني إلى أن الممارسة الفعلية لتقييم السياسات العمومية في المغرب ما زالت تواجه بعض التحديات. وبرغم وجود مؤسسات مثل المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التي تلعب دورًا في هذا المجال، لم يتم استغلال المقتضيات الدستورية والهيئات الداعمة بشكل كامل لتحقيق التقييم البرلماني الفعّال.

ويُعتبر الكتاب، الذي حصل على الجائزة التشجيعية للدراسات حول العمل البرلماني لعام 2024، مساهمة هامة في تعزيز فهم كيفية تحسين التقييم البرلماني في المغرب استنادًا إلى أفضل التجارب العالمية.

اعلان

من أبرز خلاصات العمل الذي قدّمه عبد الرحيم بوزياني في كتابه، أن التنصيص الدستوري على تقييم السياسات العمومية كوظيفة أصلية للبرلمان يعد خطوة هامة تواكب تطورات البرلمانات في العالم. فقد أصبحت الرقابة الكلاسيكية غير كافية لتحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ومع ذلك، اعتبر بوزياني أن تخصيص جلسة سنوية واحدة فقط لتقييم السياسات العمومية يُعد تكريسًا للتفوق الحكومي ويقلل من قدرة البرلمان على التدخل الفعّال في هذا المجال.

أشار بوزياني إلى أن التقييم البرلماني الحالي للسياسات العمومية يقتصر على لجان موضوعاتية مؤقتة، وهو ما يشكل تحديًا إضافيًا لفعالية وجودة هذا التقييم. كما نوه إلى موقف المحكمة الدستورية، التي تمسكت بحرفية الفصل 101 من الدستور، وأدى ذلك إلى عدم منح اللجان البرلمانية وظيفة التقييم، مما حدّ من فعاليتها.

ورغم أن دسترة التقييم البرلماني في الدستور المغربي لسنة 2011 خطوة هامة نحو ضمان فعالية السياسات العمومية ونجاعتها، إلا أن الحصيلة لا تزال محدودة على الأصعدة الكمية والنوعية. واستنادًا إلى دراسة ميدانية، أشار بوزياني إلى العديد من التحديات التي يواجهها التقييم البرلماني، مثل محدودية الاعتمادات المالية، غياب نظام لتتبع نتائج التقييم، نقص الكفاءات التقنية، وتعقيد طبيعة التقييم.

وفي إطار مقترحاته، أوصى بوزياني بإنشاء هيئة مشتركة بين مجلسي البرلمان متخصصة في تقييم السياسات العمومية، مع تعزيز التكوين المستمر للبرلمانيين في هذا المجال. كما دعا إلى تخصيص ميزانية كافية لهذا التقييم، وتعزيز التعاون مع الجامعات المغربية، وتوفير وتنويع مصادر المعلومات. وأكد أيضًا على ضرورة توظيف خبراء وباحثين متخصصين وتغليب مبدأ الجودة على الانتماءات السياسية أثناء عملية التقييم.

تعتبر هذه المقترحات خطوة نحو تحسين فعالية التقييم البرلماني، وضمان تحقيق الأهداف المنشودة من السياسات العمومية، مما يساهم في تعزيز الدور الرقابي للبرلمان في النظام السياسي المغربي.

تسلط دراسة عبد الرحيم بوزياني، بعنوان “التقييم البرلماني للسياسات العمومية بالمغرب.. دراسة مقارنة”، الضوء على موضوع بالغ الأهمية يتعلق بكيفية تقييم السياسات العمومية من قبل البرلمان المغربي. تقدم الدراسة تحليلًا علميًا أكاديميًا مقارنًا، حيث تستعرض تجارب دولية متنوعة في هذا المجال، وتناقش مضمون التقييم البرلماني للسياسات العمومية عبر التجارب المقارنة. كما تحلل النصوص القانونية التي تنظم التقييم البرلماني في المغرب وتقييم الواقع العملي لهذا التقييم في الحياة البرلمانية المغربية.

علاوة على ذلك، تشمل الدراسة استطلاعًا لآراء البرلمانيين حول عملية التقييم البرلماني للسياسات العمومية بالمغرب، من خلال إجراء دراسة ميدانية. وتستعرض أيضًا الصعوبات والإكراهات التي تواجه التقييم البرلماني، فضلاً عن تقديم مقترحات لتطويره وتحسينه بناءً على التجارب المقارنة. اعتمد بوزياني في تحليله على أدوات التحليل النوعي والكمي، مما يساهم في تقديم رؤية شاملة حول كيفية تحسين آلية التقييم البرلماني لضمان نجاعة السياسات العمومية في المغرب.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى