اعلان
اعلان
مقالات الرأي

الجفاف ذلك الحائط القصير في المغرب

اعلان
اعلان

  منبر 24 – سي محمد الابراهيمي

لطالما شكل الجفاف في المغرب و منذ عقود خلت، شماعة جاهزة لتعليق إخفاقات السياسة الفلاحية في المغرب، حتى أصبح في نظر البعض المتهم الوحيد  وراء الأزمات التي تضرب هذا القطاع الحيوي، غير أن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك، وفي التفاصيل يكمن الشياطين، فالجفاف وإن كان كارثة طبيعية خارج السيطرة، فإن سوء التدبير والفساد والخيارات الإستراتيجية غير الناجعة هي عوامل بشرية كان يمكن التحكم فيها، لكنها استمرت في تعميق الأزمة منذ الاستقلال إلى يوم الناس هذا.

اعلان

  تعتمد الفلاحة المغربية بشكل كبير على الأمطار، وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات المناخ خاصة بعد سنة 1980، السنة التي بدأ فيها المغرب يخضع لتأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري،  ورغم وعي الحكومات المتعاقبة بهذه الحقيقة، فإنها لم تنجح في تطوير نموذج فلاحي مستدام يقوم على تقنيات حديثة لتدبير المياه أو الانتقال نحو زراعات أكثر تكيفًا مع الظروف المناخية. بل على العكس، شجعت الدولة أنماطًا فلاحية تعتمد على الزراعات المستنزفة للمياه مثل الدلاح الذي يستهلك وحده حوالي 400 لتر من الماء لإنتاج كيلوغرام واحد، بينما يعاني السكان في مناطق إنتاجه مثل زاكورة، من نقص حاد في مياه الشرب، والأفوكادو الذي يستهلك هو الآخر حوالي 1000 لتر من الماء لإنتاج كيلوغرام واحد منه…، و هي زراعات تخدم في المقام الأول مصالح كبار المستثمرين أكثر من الفلاحين الصغار.

  إلى جانب العوامل المناخية، يشكل الفساد وسوء التدبير معضلتين رئيسيتين تعيقان تطور القطاع الفلاحي، فالدعم الفلاحي، الذي من المفترض أن يوجه لصغار الفلاحين بشكل مباشر، غالبًا ما يقع في أيدي لوبيات نافذة تستغل النفوذ للحصول على إعانات سخية، كما أن مشاريع السدود الصغيرة و السقي بالتنقيط، التي كان من المفترض أن تقلل من تبعية الفلاحة للأمطار، تعرف اختلالات كبيرة سواء في التخطيط أو التنفيذ.

  ومما لا شك فيه، فالمغرب بحاجة إلى إعادة النظر في سياساته الفلاحية إذا أراد تجاوز الأزمات المتكررة، يتطلب ذلك تبني رؤية جديدة تقوم على تعزيز البحث العلمي في المجال الفلاحي كرافعة أساسية لإيجاد حلول مبتكرة في  تدبير ما هو موجود من المياه، ودعم الفلاحين الصغار بسخاء و بشكل عادل بعيدًا عن الاحتكار والمحسوبية، إضافة إلى إعادة توجيه الاستثمارات نحو مشاريع مستدامة تضمن الأمن الغذائي بدل التركيز على الزراعات التصديرية التي تستنزف %80 من الموارد المائية الموجهة للفلاحة بينما لا تتجاوز مساهمتها في الأمن الغذائي الوطني نسبة 20%.

اعلان

   الجفاف ليس سوى جزء من المشكلة، لكن الحلول الحقيقية لن تأتي من إلقاء اللوم على ذلك الحائط القصير الذي يمسح فيه الجميع و بقصد فشله الذريع، بل يجب مواجهة الأخطاء البشرية المتواصلة بشجاعة وإرادة إصلاحية حقيقية.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى