على إثر المنع الذي تعرّضت له أغلب الوقفات الاحتجاجية بجلّ مناطق المغرب في الفترة الأخيرة، وما صاحبه من استعمال مفرط للقوة والعنف، والمطاردات في الشارع العام، واعتماد أسلوب الترويع والاستعمال غير المتناسب للقوة، من لدن العناصر الأمنية وبدعم من ما يسمى أعوان السلطة، و تسخير لأشخاص بزي مدني يحتمل انهم بلطجية، اتجاه المتظاهرات والمتظاهرين السلميات/ين ، كالذي حدث يومي الاثنين والثلاثاء 15 و16مارس بشوارع الرباط، خاصة القمع الأهوج وغير المبرر الذي طال تظاهرات تنسيقية الاساتذة الذين فرض عليه التعاقد وتنسيقية الاساتذة حاملي الشهادات يوم الثلاثاء 16 مارس.
حيث أصيب العديد من الاستاذات والاساتذة اصابات متفاوة الخطورة في مس بسلامتهم البدنية، كما تم إعتقال العديد منهم ، ناهيك عن المعاملة القاسية والمهينة والماس بالكرامة الانسانية من صفع وشتم وسب واهانات، وكلها ممارسات منافية لكل الاعراف والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، والتوجيهات الصادرة عن المفوضية السامية لحقوق الانسان والمقررون الخاصون من الأمم المتّحدة الذين اكدوا جميعا انه “لا تشكّل التدابير الأمنية المتّخذة للتصدي لكوفيد-19 عذرًا للاستخدام المفرط للقوّة”، وللقوانين الجاري بها العمل بما فيها الدستور، كما طال القمع المسلط يوم 16 مارس بأولاد عياد بسوق السبت، الفلاحين المتضررين من سياسة كوزيمار ومعهم مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الانسان والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كما عرفت بلادنا قمع ومنع عدة وقفات تخليدا للذكرى العاشرة لانطلاق حركة 20 فبراير، ووقفة مناهضة التطبيع، وكذلك الوقفة التضامنية مع مُعتقل الرأي معطي منجب، ووقفات ببعض المناطق بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة.
إذ أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان للمكتب المركزي قمع ومنع الوقفات السلمية والتجمعات العمومية وتجريم الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي، وجددت التنبيه أن الوقفات الاحتجاجية لا تحتاج إلى ترخيصٍ مسبق وفق ما نصّ القانون، وأن أغلب الوقفات الاحتجاجية تلتزم بالتدابير الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، في حين أن القوات العمومية التي تُشرف على القمع هي التي لا تتقيّد بهذه التدابير حين تحتك بالمتظاهرين أثناء فض هذه الوقفات.
وفي نفس البيان إستنكرت الجمعية المقاربة القمعية المنفلتة من عقال الشرعية والمشروعية، المنتهكة للقانون الدولي لحقوق الانسان، ولكل القوانين والاعراف الدولية والمحلية، وأدانت كل أساليب العنف والقمع والمس بالكرامة الانسانية ، والمطاردات في الشارع العام والقذف والسب الممارسة في حق المتظاهرات والمتظاهرين وتعريض سلامتهم البدنية للخطر، وأحيانًا اعتقالهم، تحت مبرّر انتهاك قانون “الطوارئ الصحية” المتعلق بتدبير جائحة كورونا.
وأكد البيان على ضرورة احترام الحقوق والحريات باعتبارها غير قابلة للحجر والمساس واولها، الحماية من العنف والتعذيب، واحترام حرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي، تماشيا مع المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وانسجاما مع ما يطالب به القانون الدولي من ضرورة حماية حقوق الإنسان في زمن العدوى، حسب قرار المقررين الخاصين للامم المتحدة الصادر في 17 ابريل 2020.
و ورد في نفس البيان الإدانه الشديدة لاستغلال قانون “الطوارئ الصحية” لتسييج الفضاء العام واغلاقه في وجه العموم، وتقوية السلطوية والتمادي في انتهاكات حقوق الانسان والإخلال بالتزامات المغرب الدولي، وجددو تأكيد
على أن حقوق الانسان غير قابلة للحجر وانه لا يجوز تجريم الاحتجاج ومصادرة الحق في الرأي والتعبير وتكميم الأفواه في حق المواطنات والمواطنين، بدعوى الجائحة خصوصًا وأنّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد سبق وأن صنفت المغرب ضمن الدول التي تستغل الجائحة لتصفية حساباتها مع الهيئات والأصوات المنتقدة للسلطة وللسياسات العمومية.
يجدر الإشارة في الأخير أن الجمعية المغربية لحقوق الانسان طالبت بفتح تحقيقات قضائية في حق الأجهزة الأمنية التي تبث تورّطها في ممارسة العنف الغير المشروع واللاقانوني اتجاه المتظاهرات والمتظاهرين السلميين أثناء فض هذه الوقفات الاحتجاجية، وتحديد صفة وطبيعة الاشخاص بزي مدني الذين يمارسون اقذر المهام من تنكيل وتسلط وصفع كما وقع في حق الاستاذة الذين فرض عليهم التعاقد يوم 16 مارس وتقديمهم للعدالة، وتحمِّل وزارة الداخلية وجهاز الأمن المسؤولية عن تبعات القمع الممارس في حق المواطنات والمواطنين.