نستغرب أحيانا من هولنا نحن المغاربة، فمثلا عندما تقترب مناسبة عيد الأضحى نعيش الكثير من التناقضات التي لا لزوم لها، فتجد المرء حريصا كل الحرص على توفير أضحية العيد وهو يفتقد لأبسط شروطها ويتناسى أنها فقط سنة وليست فرض. بل تجد أنه لا يمارس ولا يحرص على تطبيق الفرض مثلما يحرص على السنن. لماذا هذا التناقض إذن بكل بساطة نحن لا نحتفل بمناسبة عيد الأضحى لأنه شريعة دينية ووضعها ضمن السنن المؤكدة، ومعروف في كل المذاهب قولها أن من له القدرة على إحيائها فله ذلك ومن لم يستطع فلا حرج عليه. في مقابل الفرض كالصلاة التي هي ملزمة لكل مسلم ومسلمة. وغالبا ما نجد الفروض لا تستلزم ولا تحتاج إلى الشرط المادي للقيام بها عكس بعض السنن.. إن الأمر ومافيه هو بالأساس إرضاء للمجتمع والعائلة والنفس ليس إلا، لذلك نجد التنابز والتنافس في حجم الأضحية ونوعها، وهنا يتم الاحتفال بهذه الشريعة الدينية وفقا لمنطق المجتمع وليس للمنطق الديني لأن الدين فيه من السيولة الكثير في هذا الباب فليس من الضروري شراء الأضحية وأنت ليس عاجز على ذلك ولن تعاقب على عدم إحياء هذه السنة. فالسنة لكي تكتمل يجب أن تكون خالصة لله وليس بغرض التباهي على الناس حيث يصبح وضع الأضحية داخل إطار المن وهذا فعل مكروه. إن ما يجب علينا جميعا هو العودة إلى منطق العقل السليم وهو أن أي فعل نقوم به أولا وأخيرا يجب أن يكون إرضاءا لذواتنا ولرغباتنا وليس موافقة للعالم الخارجي.. فلماذا إذن الالتجاء إلى القروض والسلف التي تؤرق كاهل الفرد وتجعله خاضها لضغوطات الحياة وكلما اقتربت مناسبة ما ازدادت معها التكاليف والإرهاق النفسي. بحيث تتحول مراسيم العيد من الاحتفال والبهجة والسرور إلى جنازة الهم والحزن. يجب أن نكون صريحين مع ذواتنا وأن نتعلم كيف ندبر أمور أنفسنا وفق قدراتنا الخاصة التي بالتأكيد تختلف من شخص إلى آخر وكفى من المقارنات التي لا جدوى منها بيننا وبين الآخرين ولا تنسو أن الله يعرف ظروف كل عبد من عباده. فلماذا ننافق إذن وما الحاجة من هذا النفاق والي متى ستجد راحة لنفسك وطمأنة ضميرك وأنت تربط كل صغيرة وكبيرة برضاء الآخرين، اتقوا ربكم يا عباد.
.وتذكر أنك من الأفضل أن تحسن تدبير أيام معدودات مصيرها الزوال على أن تعيش سنة كاملة من الضغط والعذاب النفسي والجسدي وربما الروحي فقط لكي ترضي غيرك.
*حسن سمر. أستاذ باحث في الفلسفة السياسية