في حوار مع “منبر24”.. المدير الإقليمي لوزارة التعليم بجرادة يقدم تفاصيل مهمة حول مباراة التعليم
متابعة_ محمد حفصاوي
كلمة ترحيب وشكر للمدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بجرادة
ما هو الجديد بخصوص مباراة توظيف أطر الأكاديميات ومختلف الأطر الإدارية لهذه السنة؟
في البداية أغتنم الفرصة لأتقدم بخالص الشكر والامتنان لكم ومن خلالكم لجميع المنابر الإعلامية على الدور الهام الذي تقومون به وعلى المجهودات التي تبذلونها في تتبع ومواكبة مختلف الإصلاحات والأوراش والأنشطة التي تعرفها منظومة التربية والتكوين.
أما فيما يخص جديد مباراة توظيف الأطر النظامية للأكاديمية، سواء هيئة التدريس أو هيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، فالأمر يتعلق باعتماد شروط ومعايير موضوعية جديدة لانتقاء المترشحين: حيث تم تحديد السن الأقصى المسموح به لاجتياز المباراة في 30 سنة، كما ستخضع ملفات المترشحين لمسطرة الانتقاء القبلي بناء على الميزة المحصل عليها في كل من البكالوريا والإجازة وسنة ومدة الحصول على هذه الأخيرة. مع إعفاء حاملي الإجازة في التربية من هذا الانتقاء. والجديد أيضا هذه السنة هو تضمين ملف الترشح رسالة تحفيزية كوثيقة إلزامية تبرز دوافع المترشح لاختيار ولوج هذه المهنة.
موضوع الساعة هو الشروط الجديدة المطلوبة للولوج إلى مهنة التدريس حيث تطرح مجموعة من الأسئلة تتعلق حول دستورية ودواعي تبني الشروط الجديدة التي تكلمت عنها لاسيما شرطي السن والانتقاء
أولا، أود أن أشير إلى أن هذه الإجراءات لا تمس الحق في الشغل المنصوص عليه في الدستور، كل ما في الأمر، هو أن كل وزارة أو مؤسسة عمومية تنظم الولوج لهذا الحق بما يتلاءم مع المؤهلات المطلوبة لشغل المنصب وطبيعة المهام والمشاريع التي المكلفة بها، وهذا أمر معمول به في جميع القطاعات وليس قطاع التربية الوطنية فقط.
ثانيا، يجب أن نتفق على أن أي إصلاح يستلزم اتخاذ قرارات بناء على تشخيص وتحليل دقيق للمؤشرات والنتائج وللممارسات وأيضا، الأمر الذي ينسحب كذلك على إصلاح منظومة التربية والتكوين، فإذا كانت الغاية المنشودة هي الرقي بالعملية التعليمية التعلمية وتجويدها، فإن الاستثمار في العنصر البشري يعد مدخلا أساسيا لإنجاح ورش الإصلاح هذا. فإذا كانت قد قامت الوزارة بمجهود كبير وخصصت استثمارات وموارد مالية مهمة من أجل النهوض بالقطاع، مما انعكس إيجابا على نسب التمدرس وذلك من خلال تعميم وتوسيع العرض المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية، وتطوير منظومة منصفة وناجعة للدعم الاجتماعي، فإن الهاجس الآن هو أن تترجم هذه المجهودات إلى مؤشرات تربوية تعكس الجودة المنشودة، ولعل رهان بلوغ مراتب متقدمة في التصنيف الدولي حسب جودة التعليم يبقى إحداها. هذا يقودنا إذن إلى الإقرار أن الفاعل والمتدخل الأساسي في عملية التجويد والضامن لنجاح التعلمات يبقى هو الأستاذ(ة) أي المورد البشري الذي ينبغي الارتقاء بمساره المهني وبجودة تكوينه. ولهذه الغاية تم اعتماد الشروط الجديدة من قبيل السن والانتقاء، لدعم جاذبية مهن التربية واستقطاب الطاقات الشابة المتميزة والمتفوقة والمبدعة القادرة على رفع تحديات تجويد التعلمات وتنزيل مقتضيات الإصلاح، وفسح المجال لها للارتقاء بمسارها المهني ومراكمة الخبرات والمهارات التي تخدم المنظومة وفق استراتيجية محكمة للتكوين المستمر، فضلا عن التكوين الأساس الذي سيتلقونه بالمسالك الجامعية للتربية وبالمراكز الجهوية للتربية والتكوين.
ماذا يمكنكم أن تفيدونا به السيد المدير بخصوص مدة ومحتوى تكوين هذه الأطر الجديدة؟
إن رغبة وحافزية المترشح للعمل في قطاع التربية والتكوين وحبه لهذه المهنة التي اختارها، ينبغي أن تواجه بمنتوج تكويني يستجيب لتطلعاته وانتظاراته ويستثمر كفاءاته ومواهبه واستعداده. فإحداث مسالك التربية بالجامعات الوطنية من جهة وإصلاح الهيكلة الإدارية والبيداغوجية للمراكز الجهوية للتربية والتكوين من جهة أخرى، يشكلان دافعا آخر للاعتماد الشروط السالفة الذكر. إذ سيستفيد المقبولون من تكوين يمتد على مدى سنتين تقريبا يزاوجون فيه بين ما هو نظري وما هو تطبيقي ميداني، تحت إشراف أساتذة ومؤطرين. فالتكوين الأساس يمتد من 6 إلى 7 أشهر يختتم بتقويم ثم التحاقهم بالفصول الدراسية بداية من شتنبر 2022 كمتدربين تحت إشراف مباشر لمؤطرين ليصبحوا بعدها مدرسين رسميين.
هل تم اعتماد المقاربة التشاركية والتشاور المسبق مع الشركاء الفعليين للمؤسسات التربوية أقصد جمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ والشركاء الاجتماعيين حول الشروط الجديدة المعتمدة؟
لابد أن أشير إلى مسألة مهمة، وهي تتعلق بالسياق العام والمرجعيات الكبرى التي على أساسها تم تبني هذه الإجراءات الجديدة التي تم اعتمادها في تنظيم هذه المباراة، فبالإضافة إلى ما نص عليه كل من الميثاق الوطني للتربية والتكوين ولاسيما في الدعامة الثالثة عشرة بعنوان : ” حفز الموارد البشرية، وإتقان تكوينها، وتحسين ظروف عملها، ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترقية “، والرؤية الاستراتيجية 2030- 2015 (وبالأخص ماورد في الرافعة التاسعة بعنوان: ” تجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير : أسبقية أولى للرفع من الجودة “) ، والتي على أساسها تمت صياغة القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الذي شكل إطارا تعاقديا ملزما للجميع وموضوع تعبئة شاملة حول الاختيارات الكبرى والأهداف الأساسية للمنظومة، وصولا إلى النموذج التنموي الجديد الذي يضع تعليما ذي جودة إحدى استراتيجياته الأساسية، كل هذه الوثائق والمرجعيات الكبرى كانت محصلة لمشاورات موسعة قامت على الإنصات والانفتاح على المواطنين وعلى كافة القوى الحية بما فيها جمعيات أمهات وآباء التلاميذ وأولياء أمورهم، ومختلف الشركاء الاجتماعيين.
أخيرا ما هو رأيكم حول علاقة التجويد والارتقاء بالمدرسة المغربية بالنموذج التنموي الجديد؟
بالعودة للنموذج التنموي الجديد، يطمح هذا الأخير إلى إحداث نهضـة حقيقية للمنظومـة التربويـة. فالمدرسـة المغربية يجــب أن تمكــن كل متعلــم مــن اكتســاب المهــارات الأساسية لضمــان اندماجــه الاجتماعي، ودعــم نجاحــه الأكاديمي والمهنـي. يتطلـب تجسـيد هـذا الطمـوح تجـاوز الأزمة الثلاثية الأبعاد التـي يعيشـها النظـام التربـوي المغربـي:
أزمـة جـودة التعلمـات،
أزمـة ثقـة المغاربـة إزاء المؤسسـة التربويـة وهيئتهـا التعليميـة؛
أزمـة فــي مكانــة المدرســة التــي لــم تعــد تلعــب دورهــا فــي الارتقاء الاجتماعي وتشــجيع تكافــؤ الفــرص،
كما ورد في التقرير العام للنموذج التنموي. وفي هذا الإطار من بين الاقتراحات التي أتى بها النموذج:
الاستثمار فــي تكويــن وتحفيــز المدرســين قصــد جعلهــم الضامنيــن لنجــاح التعلمــات. فجـودة أي نظـام تعليمـي يحددهـا مسـتوى المدرسـين العامليـن بـه. ولإنجاح النهضة التربويـة، يتعيـن إيلاء الأهمية الكبـرى لتثميـن هيئـة التدريـس والارتقاء بمسـتوى كفاءاتهـا وتأطيرهـا وفـق معاييـر مهنيـة صارمـة وجعـل مهنـة ووضعيـة المـدرس أكثـر جاذبيـة قصـد اسـتقطاب الطلبـة المتفوقيـن.