
كشف محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل، عن توجه حكومي جديد يهدف إلى حماية الأطفال المغاربة من المخاطر التربوية والسلوكية والصحية المرتبطة بالاستخدام المكثف لمنصات الألعاب الإلكترونية، من قبيل “Roblox” و”Free Fire”، وذلك من خلال تمكين الأسر من مراقبة فترات اللعب ونوعية المحتوى.
وأوضح بنسعيد في جواب كتابي على سؤال برلماني، أن الوزارة تعمل مع شركائها على إيجاد توازن بين الاستفادة التعليمية والترفيهية لهذه الألعاب وبين ضمان استعمال آمن ومسؤول لها, ويشمل هذا التوجه تنسيقا مع وزارة الصحة لرصد تأثيرات الإدمان الرقمي على الصحة الجسدية والنفسية، ومع وزارة التربية لإطلاق حملات تحسيسية، فضلا عن التعاون مع الهيئات التنظيمية والمشغلين لاعتماد ضوابط تقنية تمنح الأسر قدرة أكبر على التحكم.
وأكد الوزير أن الحل المستدام يكمن في وضع تشريع وطني خاص بالألعاب الإلكترونية، يتضمن مبادئ أساسية منها: التصنيف العمري الإلزامي، آليات الترخيص والرقابة، حماية القاصرين، الوقاية من الإدمان، تنظيم الممارسات التجارية، وحماية المعطيات الشخصية.
من جانبه اعتبر حسن خرجوج، الخبير في الأمن المعلوماتي، أن التحدي الأكبر لا يكمن في صياغة القوانين، بل في قدرتها على التطبيق، خاصة أن الشركات الرقمية الكبرى تنمو عبر زيادة استهلاك منتجاتها وليس عبر الالتزام بالضوابط. وأضاف أن الإدمان الرقمي تسبب في آثار نفسية واجتماعية عميقة، بينها ارتفاع العزلة لدى الأطفال، مشيدا بالمبادرة الحكومية لسن إطار تشريعي جديد.
وسجل خرجوج أن تجارب سابقة، مثل لعبة “الحوت الأزرق” التي حرّضت على الانتحار، كشفت ضعف الترسانة القانونية لمواجهة تهديدات رقمية مماثلة، داعيا إلى اعتبار التأثيرات الرقمية جزءا من تكوين شخصية الطفل لدى التعامل القانوني مع هذه الظواهر.
أما الطيب هزاز الخبير في الأمن السيبراني، فأكد أن إدمان الألعاب الإلكترونية خطر متزايد لكنه قابل للتدبير عبر مقاربة شمولية توفق بين الوعي المجتمعي والتشريع والحماية التقنية والتربية الرقمية, وأوضح أن المغرب يتجه نحو تبني أنظمة تصنيف عالمية مثل “PEGI” و“ESRB” لحماية القاصرين من المحتويات غير المناسبة ومن آليات اللعب المثيرة للإدمان مثل “Loot Boxes”.
وشدد هزاز على أن الإدمان الرقمي لا يرتبط بالألعاب في حد ذاتها، بل بأسلوب استعمالها، مؤكدا أن الجمع بين الوعي والحماية القانونية والآليات التقنية قادر على تحويل الألعاب الإلكترونية إلى فضاء آمن يساهم في تنمية مهارات الأطفال بدل أن يشكل تهديدا لهم.



