
جاء المغرب في المرتبة الخمسين ضمن الدول الأكثر تأثيرًا في العالم في إصدار 2025 من مؤشر القوة الناعمة العالمي، محققًا بذلك مكانة متميزة على المستوى الدولي. وقد حافظت المملكة على موقعها المرموق بين الدول المغاربية والأكثر تأثيرًا في قارة إفريقيا، حسب تصنيف مكتب “براند فاينانس” البريطاني، الذي يصدر سنويًا مؤشر القوة الناعمة ويشمل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة. يعد هذا التصنيف مؤشرًا هامًا على تزايد تأثير المغرب في الساحة الدولية، في ظل التحديات التي يواجهها العالم بشكل عام.
يستند تصنيف القوة الناعمة إلى مجموعة من المؤشرات التي تشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. وبالنسبة للمغرب، فقد أبرز التقرير تحسنًا كبيرًا في بعض المجالات التي كان لها دور كبير في تحسين موقعه في التصنيف. من بين تلك المجالات كان مؤشر “العلم والتعليم”، حيث سجل المغرب قفزة ملحوظة بلغت 11 مركزًا، وهو ما يعكس التطورات التي شهدها قطاع التعليم في المملكة، وتحسين مستوى التعليم والبحث العلمي. كما يعكس ذلك الجهود المستمرة لتوسيع فرص التعليم، وتعزيز مكانة المملكة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
أما في مجال “الأشخاص والقيم”، الذي يركز على معايير الكرم والتسامح والشمولية بين السكان، فقد أظهر التقرير تحسنًا في هذا المجال أيضًا، مما يدل على التزام المغرب بمبادئ التسامح والاحترام المتبادل بين مختلف فئات المجتمع. كما أشار التقرير إلى تحسن ملحوظ في مؤشر “الإعلام والاتصال”، الذي يعكس تطور قطاع الإعلام في المملكة وتزايد الانفتاح على الصحافة ووسائل الإعلام الرقمية. وقد أدى ذلك إلى تحسن قدرة المغرب على التأثير في الرأي العام الدولي من خلال وسائل الإعلام المحلية والدولية.
وفيما يتعلق بالحكامة، أظهرت البيانات تقدمًا طفيفًا في هذا المجال بمقدار مركزين، مما يعكس التحسينات التي تم إدخالها على مستوى الشفافية والإدارة العامة. ويشير هذا إلى التزام الحكومة المغربية بتحسين مستوى الحكم والحد من الفساد، مما يعزز من مصداقية المملكة على الصعيد الدولي. وعلى الرغم من هذه التحسينات في العديد من المؤشرات، فإن المغرب لا يزال يواجه تحديات في مجالات أخرى، مثل الأعمال والتجارة والعلاقات الدولية، حيث يصعب عليه منافسة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.
وعلى الصعيد الدولي، ظلت الولايات المتحدة في صدارة التصنيف، تليها المملكة المتحدة والصين، ثم اليابان وألمانيا. ويعكس هذا التوزيع تأثير هذه القوى الكبرى في مختلف المجالات، من السياسة والاقتصاد إلى الثقافة والتعليم. ومع ذلك، فإن تصنيف المغرب في المرتبة الخمسين يعكس تقدمه المستمر في تعزيز مكانته على الساحة الدولية، خاصة في سياق عالمي يشهد تغيرات جيوسياسية واقتصادية.
فمؤشر القوة الناعمة يعتمد على 55 معيارًا مختلفًا لتقييم تأثير الدول، ويشمل مجالات متنوعة مثل التعليم والعلوم، الإعلام، الحكامة، العلاقات الدولية، والتراث الثقافي. ويقوم مكتب “براند فاينانس” بجمع البيانات من خلال استطلاعات ميدانية شملت أكثر من 170 ألف شخص في أكثر من 100 سوق حول العالم. يعكس التصنيف قدرة الدول على التأثير في تفضيلات وسلوكيات الفاعلين الدوليين من خلال وسائل غير إكراهية، بل عن طريق الجذب والإقناع.
تصنيف المغرب في المرتبة الخمسين يعكس تطورًا مهمًا في قدرة المملكة على التأثير في الساحة الدولية، ويسلط الضوء على التحسينات التي حققها في مجالات التعليم، الإعلام، والحكامة. كما يبرز هذا التصنيف الدور المتنامي للمغرب في القضايا العالمية والإقليمية، حيث يستمر في تعزيز مكانته على الصعيد الدولي بفضل الإصلاحات التي تم تنفيذها في العديد من المجالات.