حقق المغرب تحسناً ملحوظاً عام 2024، في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تجاوزت قيمتها 17 مليار درهم، وهو ما يعكس تحسناً كبيراً في بيئة الأعمال المحلية. هذا التحسن يعكس، بحسب المحلل الاقتصادي محمد جدري، العودة إلى معدل تضخم طبيعي على المستوى الدولي، بالإضافة إلى مرونة السياسات النقدية التي سهلت الوصول إلى التمويل وأتاحت للمستثمرين الأجانب فرصاً أفضل.
لقد بذل المغرب، خلال العقدين الماضيين، جهوداً كبيرة لترسيخ مكانته كوجهة استثمارية متميزة, فالاقتصاد المغربي يتميز ببنية تحتية متطورة، ومناطق صناعية حديثة، وقوى عاملة مؤهلة تضم مهندسين وتقنيين وعمال ذوي كفاءة عالية. إضافة إلى ذلك، تلعب المنصات اللوجستية مثل ميناء طنجة المتوسط والموانئ المستقبلية في الناظور والداخلة الأطلسي دوراً مهماً في تعزيز القدرة التنافسية للمغرب وجذب المزيد من الاستثمارات.
على الرغم من هذه الإنجازات، شدد المحلل الاقتصادي على ضرورة الاستمرار في تحسين البيئة الاقتصادية من خلال تقليص القطاع غير المهيكل وتعزيز المنافسة. فهذه الجهود ستساهم بشكل كبير في تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني للمستثمرين الأجانب. وفي هذا السياق، يشير المحلل إلى أن المغرب يمتلك رؤية واضحة لعام 2035، والتي تهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام من 130 مليار دولار في 2021 إلى 260 مليار دولار بحلول 2035. لتحقيق هذه الأهداف، يشكل تحويل نموذج الاستثمار في المغرب أولوية استراتيجية.
وفيما يتعلق بتوزيع الاستثمارات، أشار المحلل إلى أن الاستثمارات العمومية تمثل حالياً حوالي ثلثي إجمالي الاستثمارات، بينما يمثل القطاع الخاص ثلثاً فقط. ويأمل المغرب في تحقيق تغيير جذري بحلول 2030، حيث يهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاستثمار، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. وفي هذا الصدد، سيكون الاستثمار العمومي مخصصاً بشكل أساسي لتطوير الأمن الغذائي، والطاقة، والرعاية الصحية.
كما أشار المحلل إلى وجود فرص استثمارية كبيرة أمام المستثمرين الأجانب، خاصة في المشاريع المرتبطة بكأس العالم 2030، التي تشمل تطوير البنية التحتية وقطاع السياحة. بالإضافة إلى ذلك، تبرز مجالات الطاقات المتجددة، وتحلية مياه البحر، وازدهار قطاع السيارات، وخاصة السيارات الكهربائية، كفرص واعدة.
في ظل هذه التحولات والإصلاحات الهيكلية المستمرة، يبدو أن المغرب مستعد للاستفادة من زخم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السنوات القادمة. ومن المتوقع أن يسهم هذا التحسن في تعزيز مكانة المملكة كقطب استثماري رئيسي في المنطقة، ويزيد من جاذبيتها أمام المستثمرين الأجانب.