
أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، عن تراجع حاد في القطيع الوطني للمواشي بنسبة 38% مقارنة بسنة 2016، والتي كانت قد شهدت إحصاءً وطنيًا للقطاع الفلاحي. وأكد الوزير أن هذا التراجع قد أثر بشكل كبير على إنتاج اللحوم في المغرب، معتبرا أن الوضع أصبح حرجًا في وقت يتزايد فيه الطلب على المواشي، خصوصًا مع اقتراب موعد عيد الأضحى.
هذا التوقيت كان بمثابة إشارة إلى تفاقم الأزمة التي يعاني منها القطاع، وسط نقاشات حادة حول تأثير ذلك على أسعار اللحوم، وقد أثار أيضًا تساؤلات حول إمكانية إلغاء شعيرة النحر في عيد الأضحى المقبل.
وفي هذا السياق، أعرب بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، عن أن “هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها وزارة الفلاحة بمشكل تراجع الثروة الحيوانية في البلاد”، مشيرًا إلى أن الأرقام التي أعلنتها الوزارة لا تعكس بشكل كامل الوضعية الحقيقية في بعض المناطق، خاصة تلك التي تعاني بشكل أكبر من هذا النقص.
وأضاف الخراطي أن بعض المناطق شهدت تراجعًا خطيرًا في أعداد المواشي، حيث تجاوز النقص في بعض المناطق مثل أزيلال 80%، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يعاني منها القطاع الفلاحي. وأكد الخراطي أن الاستيراد لا يعد سوى حلاً مؤقتًا للأزمة، مشددًا على أن تربية المواشي تعد من الأنشطة الفلاحية الأساسية التي تربط الفلاحين بأراضيهم وتوفر فرص عمل مستقرة في المناطق الريفية.
ومن جانبه، قال محمد جدري، الخبير الاقتصادي، إن القطيع الحيواني في المغرب تأثر بشكل كبير نتيجة للجفاف الذي ضرب البلاد على مدار السنوات الست الماضية، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف وتكاليف المدخلات الفلاحية. وأدى هذا الوضع إلى تخلي العديد من مربي الماشية، وخاصة صغار المربين، عن قطعانهم، سواء عن طريق توجيهها للذبح أو بيعها بالكامل.
وأضاف جدري أنه من الضروري اتخاذ مجموعة من التدابير لدعم مربي الماشية، خاصة الصغار والمتوسطين، بهدف إعادة تأهيل القطيع الحيواني. وأكد على أهمية توفير الأعلاف بأسعار مناسبة لمساعدة هؤلاء المربين على استئناف الإنتاج واستعادة الاستقرار في القطاع. لكنه أشار إلى أن القطيع لن يستعيد مستوياته السابقة، التي كانت قبل الجائحة، قبل حلول عام 2027.
ورغم الجهود الحكومية المبذولة، مثل إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على الأعلاف وتسهيل استيراد الأغنام واللحوم المجمدة، إلا أن جدري أشار إلى أن هذه الإجراءات لم تحقق الأثر المطلوب، حيث إن كبار المستوردين والمضاربين يتحكمون في الأسعار بشكل كبير، مما يفاقم الأزمة ويزيد من استغلال الأزمات لتحقيق أرباح غير مشروعة.
وفي الختام، تُظهر الأزمة التي يعاني منها قطاع الثروة الحيوانية في المغرب، نتيجة للجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، الحاجة الماسة إلى تبني استراتيجيات شاملة لدعم مربي الماشية، خاصة في المناطق الأكثر تأثرا. ورغم الجهود الحكومية المبذولة، يبقى التحدي الأكبر في ضمان استقرار الأسعار ومكافحة الممارسات المضاربية التي تزيد من تفاقم الأزمة. ومن الضروري أن تكون هناك حلول مستدامة ودعماً حقيقياً للمزارعين من أجل استعادة توازن هذا القطاع الحيوي.