عادل محمدي – باحث في العلوم السياسية
يشكل البناء العام للمجتمعات على مر العصور الإختيار الذي تعبر عنه من خلال إختيار نسق مجتمعي ينسج خيوط الترابط المعرفي ،إيدولجي،إقتصادي ،إجتماعي، ثقافي ،لأجل تأسيس مذهب جنيس لمجمل مدارك المجتمع.
فأي مجتمع بسواده “الديمغرافي” سواء كان منظم أو غير منظم يعبر من خلاله إنتاج فضاء يراعي مجال تدخل كل فئة وهيئة معينة قد تطلق عليها إجتماع أو مجتمع لبنة من الصعب إختارقه أو التأتير فيه على إعتبار أن عناصر البنية الصلبة المتوافق عليها لا تعترف بالدخيل الغير المتجانس اللهم إذا طرأ تعديل في التوافق العام لكل مجتمع .(البنية عند ليفي ستراوس).
هذا المعطى المجتمعي البنية تشكل فيه الدولة أحد عناصره مأترة ومتأترة في التكوين العام لأي مجتمع عبر إجراءات تكون محطة إجتماع من كافة الأطراف مهما كان مصدره ديني ،عرفي،قانوني ،فعلى سبيل المثال البحت أن المغرب إختار من خلال دستور فاتح يوليوز 2011 في فصله 32 أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، وأن الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها مستلهما من المواثيق الدولية من خلال المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 23 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية اللتان تنصان على أن الأسرة هي الخلية العادية ا الطبيعية للمجتمع.
هذا الإمكان الدستوري له دلالة قوية على حماية كينونة الأسرة ومختلف الحقوق التي تشكل ترابط مرجعي لفئات عناصر الأسرة،وتحقيق الإتصال والتواصل ما بين مكونات بنية الأسرة ذاتها من جهة ونسق المجتمع في بنائه العام.
إدن كيف الحفاظ على إستقرار الأسرة وترابطها في ظل هاته الجائحة الوباء ؟ سواء من ناحية تنزيل الآجراءات الإحترازية أو تسويقها ؟
-نظرة حول التماسك الأسري في ظل الوباء.
تهدف العائلة الأسرة مهما كان حجمها وتنظيمها إلى تحقيق هدف ما يصطلح عليه علماء الإجتماع بالعائليةFamilism المكونة من مجموعة القيم العائلية التى تهدف إلى تبعية المصالح الفردية لمصالح ورفاهية العائلة ككل وفق تنظيم محكم يمكن أعضائها من مناحي الإتحاد والولاء العائلى وتحقيق العون المتبادل.فالأسرة تستمد طاقتها وحيويتها في الإستمرار من حماية وصناعة اللحمة family,joint التي تجنب بنية المجتمع من التصدع والإنهيار .
هاته الطاقة اللحمة التي تقوم بها هاته الجماعة توفر إشباع الحاجات العاطفية ، وتهيئة المناخ الاجتماعى الثقافى الملائم لرعاية وتنشئة ، وتوجيه الأبناء.
وعليه سوف نسائل وضعية الأسرة الطبيعية في الحالات الإستتنائية منها على سبيل المثال الوباء العالمي الجديد كوفيد 19،الذي أرغم إبان الشهور القليلة الماضية ملايين البشر إلى البقاء في منازلهم وتطبيق إجراءات التباعد وغيره من التدخلات الإحترازية كفرض الحمامات ،تقييد السفر ،وكذا تطبيق إجراءات الحجر الصحي تجنبًا لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
ومع ذلك، نشهديوميا-بشكل متفاوت – أعداد المصابين. مما يبعت تساؤلًا مهمًّا عن مدى نجاح إجراءات التباعد الجسدي وغيره من الإجراءات فإجراء التباعد الجسدي المفروض على الأسر أتبت فاعليته مند أزمنة ولت وقدم نفسه كحل في مقام أول وكبديل للإجراءات المكلفة كالتطبيب متلا،لنا في الثرات الإسلامي نموذجا الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنهى المسلم عن الدخول إلى أرض وقع بها الطاعون ، ونهيه أيضا عن الخروج من أرض وقع بها الطاعون .
روى البخاري ، ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني : الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه)،هذا ما زكته دراسة تتبت نجاعة هذا الحل العلمي، حيت قام باحثون من معهد ماكس بلانك للديناميات والتنظيم الذاتي (MPIDS) وجامعة جوتنجن، بتحليل لأرقام المصابين بكورونا في ألمانيا لأجل تقييم إجراءات التباعد التي جرى تطبيقها هناك لاحتواء الوباء وتوقع الإحتمالات الواردة ربط باحثو الدراسة بين القيود التي جرى تطبيقها بشكل تدريجي على الحياة العامة في ألمانيا في مارس الماضي وذالك إستعمل التحليل على أساس تقديرات الأرقام حتى 21 أبريل الماضي،تبت تحسن إيجابيّ في أرقام الحالات في الأسابيع التالية. ولكن لجني المزيد من النتائج الإيجابية، واصل “الباحثون مراقبة الوضع عن كثب. وفي كل يوم، يعملون على تقييم أرقام الحالات الجديدة لمعرفة ما إذا كان يُتوقع حدوث موجة ثانية أم لا.
وذالك باستخدام ثلاثة سيناريوهات نموذجية مختلفة، كشف فريق جامعة جوتنجن عن احتمالات تطور أعداد الحالات الجديدة؛ إذا أظهرت النماذج أن عملية تخفيف إجراءات التباعد الجسدي ضاعفت معدل الإصابة مع توقع حدوث موجة ثانية. إذا كان معدل الإصابة يتوازن مع معدل التعافي، وستبقى عدد الإصابات الجديدة مستقرة نسبيا . ومع ذلك، يمكن أن يستمر عدد الإصابات الجديدة في الانخفاض، كما تؤكد الدراسة “إذا توخى كل الأشخاص الحذر الشديد، وقامت السلطات الصحية بدورها في تعقُّب المصابين والمخالطين لهم بشكل فعال، وإذا جرى في الوقت ذاته اكتشاف جميع حالات تفشِّي العدوى الجديدة وتم احتواؤها مبكرًا، هنا يمكن أن تستمر الأعداد في الانخفاض. وبالتالي، فإن تطور الأرقام في المستقبل يعتمد اعتمادًا حاسمًا على سلوكياتنا ومدى مراعاتنا لتوصيات التباعد وتدابير النظافة”.
ولهذا يبقى إجراء التباعد الجسدي هو الأصل والإجراءات الأخرى تساعده وتكمل فاعلية قواعد الإجراء والشكل ،قد نحس اننا لن نساهم في تحقيق مناعة كاملةوتامة،الا أن نتائجه تحاصر الوباء وتقبعه على الأقل برقعة ما ونسخة عملية الإحكام.
– تسويق التباعد الجسدي لخدمة التماسك الإجتماعي.
الحكومة المغربية ومعها مختلف الفاعليين خاصة الإعلام تمكن من إحتواء الأفكار المغلوطة حول إنتشار وباء كورونا عن طريق توفير امدادات إعلامية ونشر الوعي والارشادات وتشجيع المجتمع على البقاء على تواصل.
إلا أنه تم توظيف وترويج لمصطلح التباعد الاجتماعي، الذي كان في غير محله يقصد به إلى على مساحة لا تقل عن متر واحد بين أفراد العائلة والمجتمع على حد سواء. بالإضافة أن مصطلح التباعد الاجتماعي ادى الى سوء فهم وتم تفسيره على انه تغيير شكل العلاقات مع الناس أو الانفصال عن الأسرة والأصدقاء.
ولأجل هذا الإستيعاب المنافي المقصود تمكنت منظمة الصحة العالمية في استعمال مصطلح “التباعد الجسدي” كإجراء طاكتيكي تقني لا يمس الإحساس العام والشعور باللحمة العائلية ،خاصة في عصر أدوات الإتصال الحديتة. من المأكد أنه يجب الحفاظ على التباعد الجسدي بينما نستمر في التواصل الاجتماعي مع الأسرة والأصدقاء.
للحفاظ على الصحة العقلية والرفاهية، ينصح خبراء الصحة العامة بالبقاء على تواصل و ترابط مع الاسرة والأصدقاء عن طريق مكالمات الفيديو والمكالمات الهاتفية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولنجاح فاعلية التباعد الذي يخدم التماسك المجتمعي الإجتماعي وجب تفعيل التدابير الضرورية الأخرى التي لا تقل أهمية عن قواعد الأصل المتمتلة في التباعد الجسدي
ندكر منها على لسان منظمة الصحة العالمية التزام بقواعد الحجر الصحي وتجنب المصافحة والمعانقة و قم بالترحيب بالآخرين من مسافة متر واحد على الأقل وكذا الاتصال والاقتراب من شخص يعاني من أعراض الانفلونزا كالسعال وسيلان الأنف والحمى وصعوبة التنفس وآلام الجسم.
و الإتصال بخطوط المساعدة التي وفرتها الدولة المغرببة
مع تجنب المناسبات الاجتماعية كحفلات الزفاف ومراسم العزاء .