اعلان
اعلان
دولي

توتر في “طورّي باتشيكو”: دعوات للعنف وصدامات بسبب شائعات ضد شباب مغاربيين

اعلان
اعلان

-محمد السوسي

نقلا عن موقع الاذاعة و التلفزيون الاسباني RTVE
تحوّلت بلدة طورّي باتشيكو الواقعة في إقليم مورسيا الإسباني إلى بؤرة توتر اجتماعي بعد تصاعد الدعوات لتشكيل دوريات أهلية لمكافحة “الجريمة المرتبطة بشباب من أصول مغاربية”، حسبما تروّج له بعض المجموعات المتطرفة.
ما بدأ كمبادرة محلية لحفظ الأمن، سرعان ما استغلته جهات راديكالية وروّجت له عبر شائعات ومقاطع مفبركة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تجييش أفراد من خارج البلدة، ونتج عنه توقيف ستة أشخاص حتى الآن.

اعلان
  • حادثة اعتداء تشعل فتيل الأزمة

الشرارة الأولى جاءت بعد اعتداء على رجل يدعى “دومينغو” (68 عامًا) أثناء مروره قرب مقبرة البلدةيوم الأربعاء الماضي. وأثار تصريحه، الذي لمح فيه إلى احتمال أن يكون المهاجمون من أصول مغاربية، موجة من التحريض والكراهية العنصرية، وتكررت دعوات “لحماية البلدة من المهاجرين”.
وانتشرت عبر الشبكات مقاطع ومعلومات مضللة، من بينها فيديو يُظهر اعتداء على رجل مسن وادّعاء أنه يخص حادثة الأربعاء، في حين نفى الضحية نفسه ذلك، وصورة أخرى تُظهر خمسة شباب كمهاجمين مزعومين، رغم أن التحقيقات لم تُحدد بعد هوية الجناة الذين يُعتقد أنهم ثلاثة فقط.

  • من احتجاج سلمي إلى مطاردة عنصرية

في البداية، خرج سكان طورّي باتشيكو في وقفة سلمية تنديدًا بالاعتداء، لكن التظاهرات تحولت لاحقًا إلى مطاردات تستهدف شبابًا من أصول مغاربية، بتأثير من مجموعات يمينية متطرفة قدمت من خارج البلدة. علمًا أن 30% من سكان البلدة البالغ عددهم 40 ألفًا هم من أصول مغاربية.
وشهدت عطلة نهاية الأسبوع مواجهات متفرقة بين مهاجرين وسكان، اختلط بينهم ناشطون متشددون من أقصى اليمين، ما استدعى تدخلًا دائمًا من الشرطة المحلية والحرس المدني للفصل بين الطرفين.

  • دعوات للتهدئة من مسؤولين حكوميين

في أعقاب التصعيد، دعا رئيس حكومة إقليم مورسيا، فرناندو لوبيز ميراس، إلى ضبط النفس، مشيدًا بدور القوى الأمنية في حماية السكان، ومؤكدًا أن “مرتكبي الاعتداءات سيُحاسبون وفق القانون”.
وأضاف: “أتفهم مشاعر الغضب، لكن علينا أن نثق في الدولة وفي القانون”، محذرًا من الانجرار وراء دعوات العنف من أي طرف كان، ومشيرًا إلى أن سكان البلدة “شرفاء ومسالمون ولا يجب أن يُدفعوا إلى مسارات خطيرة”.
في السياق ذاته، أكدت ماريولا غيفارا، ممثلة الحكومة في إقليم مورسيا، أن السلطات تتوقع توقيفات جديدة، وشجبت الرسائل التحريضية التي تم تداولها على وسائل التواصل من قبل مجموعات متطرفة، والتي دعت إلى ما وصفته بـ”حملة مطاردة”.

اعلان
  • تعزيزات أمنية واستنفار رسمي

أعلن العقيد فرانثيسكو بوليدو من الحرس المدني أن التعزيزات الأمنية ستستمر خلال الأيام المقبلة، لا سيما في النقاط الحساسة، مع التأكيد على تحليل مقاطع الفيديو وتوثيق جميع الأدلة لملاحقة المتورطين.
حتى الآن، اقتصرت المواجهات على تراشق بالأدوات والمفرقعات بين مجموعات متقابلة، وسط محاولات قوات الأمن لاحتواء الوضع دون حدوث اشتباكات مباشرة.

  • تبادل اتهامات سياسية

في ظل هذه التطورات، تصاعد الجدل السياسي، حيث اتهم حزبا “سومار” و”اليسار الموحد”حزب فوكس اليميني المتطرف بتأجيج الهجمات العنصرية. واعتبر الحزب الاشتراكي (PSOE) أن ما يحدث هو نتيجة “لتطبيع خطاب اليمين المتطرف”، ودعا إلى الهدوء والتعايش.
أما لارا هيرنانديز، القيادية في حزب “سومار”، فوصفت ما يحدث بـ”حملة عنصرية يقودها اليمين الفاشي”.
في المقابل، رد خوسيه أنخل أنتيّلو، رئيس حزب فوكس في مورسيا، برسالة تحريضية من البلدة، هاجم فيها المهاجرين غير النظاميين، واعتبر أنهم سبب في “الاعتداء على كبار السن والمثليين واغتصاب الفتيات”، مضيفًا: “لا نريد أمثال هؤلاء في شوارعنا، وسنُرحّلهم جميعًا”.
من جهته، بدا زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونييّث فيخو أكثر اعتدالًا، إذ دعا الحكومة المركزية إلى تعزيز الأمن فورًا في البلدة، مشددًا على ضرورة “محاسبة كل المعتدين وفق القانون”.

  • مطالب بتدخل عاجل لتفادي الكارثة

طالبت جمعية Jucil (أكبر نقابة بالحرس المدني) وجمعية الحرس المدني الموحد حكومة مدريد بتوفير مزيد من الموارد لتجنب “كارثة حقيقية”، وأعربت عن تضامنها مع السكان وعناصر الأمن.
وأوضحت أن البلدة باتت تحت إشراف أمني خاص، يضم وحدات مكافحة الشغب (GRS) ووحدة أمن المواطن (USESIC)، إضافة إلى تعزيزات من البلديات المجاورة.حتى اللحظة، تم نشر 75 عنصرًا من الحرس المدني في البلدة، في محاولة لاحتواء الوضع ومنع اندلاع المزيد من العنف.
رغم محاولات التهدئة الرسمية، يبدو أن طورّي باتشيكو دخلت مرحلة دقيقة تختلط فيها مشاعر الخوف بالحقد، وتُختبر فيها قدرة المجتمع على التماسك أمام موجات التحريض والتضليل. وبين دعوات العقل وأصوات التطرف، يظل السؤال معلقًا:
هل تنجو البلدة من فتنة مصنوعة على منصات التواصل قبل أن تشتعل على أرض الواقع؟

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى